المفتي: الإسلام دعا لغرس ثقافة الفسيلة لتعزيز فعل الخير
قال فضيلة الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم: إننا في حاجة إلى ثقافة الفسيلة التي أوصانا بها النبي، تلك الثقافة التي يحتاجها الإنسان النبيل النبيه؛ التي قد جعلها الإسلام منهج حياة؛ منهجًا يجعل المسلم في حركة مطردة، لا يعرف الكسلُ بابًا إلى جوارحه، ولا الفتور طريقًا إلى همته، ولا الضعف سبيلًا إلى عزيمته.
وأضاف مفتي الجمهورية في تصريحات اليوم، إلى أن ثقافة الفسيلة أوصانا بها النبي في قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها"، والفسيلة: النَّخلةُ الصَّغيرةُ تُقطَع من الأمِّ أَو تُقلع من الأرض فتُغرس".
وأوضح أنه على المسلم أثناء الصيام وفي غير الصيام غرس كل خير آملًا أن يؤتي ثمرته، وليس على المسلم إدراك ظل الخير أو انتظار نتائجه وعوائده، فليغرسه حسبة لربه ونفعًا لمجتمعه، لافتا إلى أن الإسلام كله عطاء ونماء حتى على المستوى التشريعي نجد الأحكام الفقهية متجددة ومرنة تضبط مسارات التعاقدات والمعاملات، وكل ذلك يدل على البناء والعمران والتنمية لا الهدم والتخريب.
وأردف قائلًا: إن المتأمل لفريضة الصوم يجدها تُعطي وتمنح طاقة كبرى في التهذيب عند التعامل مع الآخرين؛ لذا كانت التحذيرات النبوية للصائمين واضحة وجَلِيَّةً بأن من لا يحاول أن يغير تلك الأخلاق السيئة التي ينهى عنها الشرع، فإنه لا يُحَصِّلُ أجرَ الصيام، ولن يجد من صيامه إلا الجوع والعطش؛ فالغاية من الصيام هي الوصول إلى التقوى، التي تنعكس بشكل مباشر على طبائع المسلم وأخلاقه، فيتخلص من العادات والأخلاق الذميمة التي تفسد الناس والمجتمعات.
وتطرق مفتي الجمهورية، للرد على العديد من أسئلة المشاهدين والمتابعين نظرًا للإقبال الملحوظ على متابعة الحلقة، فمن ذلك سؤال لسيدة تتابع حلقات البرنامج قالت: زوجي توفي بعد أيام من بدء شهر رمضان، ولم يصم أي يوم فيه هذا العام نتيجة مرضه المزمن؛ فقال فضيلته: إذا أفطر الصائم بعذرٍ واستمر العذر إلى الموت فقد اتَّفق الفقهاء على أنَّه لا يصام عنه ولا فدية عليه؛ لعدم تقصيره، ولا يلحقه إثم؛ لأنَّه فرض لم يتمكَّن من فعله إلى الموت فسقط حكمه، كالحج.
وعن حكم حلقات الذكر في رمضان، قال مفتي الجمهورية: الذكر في الأصل مطلوب في كل وقت ويزداد في رمضان خاصة، ولكن يجب الالتزام بالإجراءات الاحترازية؛ خاصة في الذكر الجماعي.
وعن اللغط الذي يثيره البعض حول عدد ركعات صلاة التراويح هل هي ثماني ركعات أم أكثر قال مفتي الجمهورية: إن التراويح هي جمع الترويحة؛ وقد سميِّت بذلك لاستراحة القوم بعد كل أَربع ركعات، ويتبين أن صلاة التراويح الأفضل فيها أن تكون أكثر مِن ثماني ركعات، وهو ما ذهب إليه جمهور الأئمة والعلماء والمذاهب الفقهية على مر العصور؛ حيث قالوا إن صلاة التراويح عشرون ركعة، ولكنها سنة مؤكدة وليست واجبة؛ فمَن تركها حُرِم أجرًا عظيمًا، ومَن زاد عليها فلا حرج عليه، ومَن نقص عنها فلا حرج عليه، فلا ينبغي أن ننشغل في هذا الشهر الكريم بإثارة الخلاف في العدد أو تخطئة أحدنا للآخر، فعلى الجميع الالتزام بأدب الحوار، لأن هذا من قبيل المختلف فيه فلا يجب الإنكار على البعض فيه، بل المنتظر -وهو المهم- أن نخرج من هذه الصلاة وقد ارتاحت قلوبنا وشفيت أمراضنا القلبية، وأن نخرج وقد انزاح الغلُّ والحسد والكراهية من قلوبنا تجاه الآخرين؛ فتلك هي الثمرة الحقيقية لصلاة التراويح ولكل صلاة بطبيعة الحال، فليست العبرة في الكم وإنما في أثر هذا الكم في النفس.
وقال مفتي الجمهورية: لا كفارة على من لم يعتكف، بل من اعتاد على فعل الخير ثم منعه عذر لا دخل له فيه كوجود ظرف كورونا فله أجر فعله قبل العذر، بل ربما لو صدقت نية الراغب في العبادة والطاعة ينال الأجر كاملًا إذا لم يتمكن من أدائها لعذر، ويكون أجره أفضل من أجر قيامه بالعمل ذاته الذي قد يمسه تقصير أو رياء.
وحول قيام ممرضة تعمل في العناية المركزة بجمع الصلوات نتيجة عملها؛ قال مفتي الجمهورية: هذا عمل مقدس فلا حرج أن تجمع السائلة الصلوات جمع تقديم أو جمع تأخير بأن تجمع العصر مع الظهر أو الظهر مع العصر ثم تجمع المغرب مع العشاء أو العشاء مع المغرب.