أساطين التلاوة | القارئ الشيخ محمد بدر حسين.. عميد قراء الإذاعة
يتميز الشيخ محمد بدر حسين بالصوت العذب النقي الذي جعله متفردا عن غيره من قراء عصره، ما جعله يمثل مصر في العديد من الدول العربية والغربية في المحافل الدولية والعالمية ليقرأ أمام الملوك والزعماء وكبار الشخصيات، وهو صاحب مدرسة فريدة لا ينافسه فيها أحد خلال رحلته التي تقترب من نصف قرن من الزمان.
ولد القارئ الشيخ محمد بدر حسين بمدينة "السنطة" بمحافظة الغربية، في الثالث من يناير عام1937 في أسرة دينية محبة للقران حيث كان والده يحفظ القرآن، ولما بلغ الشيخ محمد الرابعة من عمره ذهب به والده إلى الكتّاب فتمكن من حفظ القرآن وتجويده وهو لم يتجاوز العاشرة من عمره.
التحق الشيخ محمد بدر حسين بالأزهر الشريف وتلقى علوم القرآن إلى جانب العلوم الأزهرية، حصل على الشهادة الثانوية الأزهرية عام 1960، والتحق بكلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف بالقاهرة، وكان يقبل الدعوات البسيطة لإحياء المآتم والمناسبات والسهرات المتواضعة في بلدته ما بين الثانية عشرة والخامسة عشرة من عمره.
وفي االقاهرة التقى بكوكبة من القراء المشاهير، ويقول الشيخ محمد بدر حسين في هذا: " بعد انتقالي إلى القاهرة لم يستهويني شيء من بريقها بقدر ما تعلقت بمعالمها الدينية وخاصة الأزهر الشريف وجامعه والمسجد الحسيني والمسجد الزيني فكانت هذه المساجد من أهم المنابر القرآنية التي فيها تعرف عليّ المسئولون بعد ما وفقت في تلاوة القرآن أمامهم فكنت أقتنص أي فرصة تسنح لي لأتلو القرآن بأحد تلك المساجد ولو لمدة خمس دقائق، كانت الرهبة في البداية تتملكني لهيبة المكان، ولكنني بتوفيق من الله استطعت أن أصنع لي اسماً وشخصية قرآنية جعلت كثير من كبار المهتمين بتلاوة القرآن يشجعونني على التقدم للالتحاق بالإذاعة كقارئ بها ".
وتقدم الشيخ محمد للإذاعة بطلب للإختبار أمام لجنة اختيار القراء في عام 1961م وكان عمره وقتذاك لا يتعدى أربعة وعشرين عاماً، صادف ذلك تقدم أكثر من مائة وستين قارئاً دفعة واحدة للإذاعة وقد تم تصفيته هذا العدد إلى أربعة قراء توافرت لديهم الشروط الواجب توافرها فيمن يتطلع إلى الشهرة والمجد عن طريق الإذاعة وكان الشيخ محمد بدر حسين في مقدمة الأربعة.
وكانت اللجنة تضم كوكبة من العلماء وكبار الإذاعيين والموسيقيين في مصر, حيث كانت اللجنة تتكون من المرحوم الإمام الأكبر الدكتور عبد الحليم محمود رئيساً ومن بين الأعضاء الشيخ أحمد السنوسي والمؤرخ الموسيقي الأستاذ محمد حسن الشجاعي والشاعر الأستاذ هارون الحلو والإذاعيين الأستاذ عبد الحميد الحديدي والأستاذ أمين عبد الحميد، بعد التحاقه بالإذاعة ذاع صيته واصبح في مقدمة المشاهير، مكنه من ذلك مواصلته الدراسة بجامعة الأزهر الشريف وتخرجه في كلية أصول الدين عام 1968 م، ما أتاح له الفرصة لأن ينهل من علوم القرآن ما يؤهله لأن يتلوه عن علم ودراية بتمكن وجعله يجيد التحدث مع كل طبقات المجتمع ليخطو خطوات سريعة نحو الشهرة والعالمية، فيما التحق بالتلفزيون الذي كان له الفضل الأكبر في اتساع شهرته.
ولم يقتصر دور الشيخ محمد بدر حسين عند هذا العطاء العلمي والقرآني فقد شارك في العديد من المؤتمرات الكبرى بصفته عضواً بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وكانت آراؤه واقتراحاته دائماً في صالح حفظة القرآن الكريم، ولذلك فانه كثيراً ما كان يمثل مصر في المسابقات العالمية والدولية كمحكم في كثير من دول العالم، وقد ظهرت صوره كثيراً بالمحافل الدولية والعالمية يرفع راية مصر عالياً كانت امنية الشيخ بدر حسين ان يكون قارئا في أي مسجد من مساجد آل البيت رسول الله " صلى الله عليه وسلم".
وعين بقرار من وزارة الاوقاف بان يكون قارئا لمسجد السيدة سكينة بنت الامام الحسين " رضي الله عنهما "عام 1970 م الى عام 1993 م وفي نفس العام انتقل الى مسجد سيدي إبراهيم الدسوقي بكفر الشيخ حتى عام 2000 عندما انتقل الى مسجد سيدي احمد البدوي بطنطا والذي ظل فيه حتى توفاه الله.
واختير الشيخ محمد بدر حسين، قارئا للقرآن الكريم في العديد من البلاد؛ لإحياء الليالي الرمضانية بها وقد بدأت رحلته مع كتاب الله عز وجل خارج مصر منذ عام 1963 وكان سنه 26 سنة كان مبعوثاً إلى الهند وباكستان وسافر إلى الجزائر عام 1964م وقرأ بأشهر مساجدها وفي عام 1966م سافر إلى اليمن وعام 1967 سافر إلى تونس وقرأ بأكبر مساجدها وفي عام 1970م سافر إلى السودان وتم اختياره عام 1970 م ليكون عضواً بلجنة التحكيم بماليزيا في المسابقة الدولية التي أقيمت هناك لاختيار الأول على العالم في حفظ القرآن وتجويده وكان سنه 33 سنة فكان أصغر محكم.
ومن عام 1972م إلى عام 1974م وجهت إليه الدعوات من الحكومة البحرينية لإحياء شهر رمضان لتعلق أهلها بحسن تلاوته بعدها سافر عام 1975م إلى الولايات المتحدة الأمريكية وقرأ بأكثر من عشر ولايات بدعوات وجهت إليه من الجاليات المسلمة هناك سافر إلى الكويت عام 1977م بدعوة من حكومتها لإحياء ليالي شهر رمضان وسافر إلى دولة الإمارات عام 1990 م لإحياء شهر رمضان وإلى البرازيل عام 1991م و 1994م ثم عاد لإحياء شهر رمضان عام 1996م بدولة الإمارات العربية وقد كرمته الكثير من الدول التي سافر اليها والتى كانت عبارة عن بعض الهدايا التذكارية التي قدمت إليه من بعض الملوك والرؤساء والمسئولين أقربها إلى قلبه قطعة من كسوة الكعبة أهداها له الملك فهد بن عبد العزيز الذي وجه إليه الدعوة لحضور غسل الكعبة وتبديل كسوتها .
وفي الثامن والعشرين من شهر ماس عام 2003 م انتقل الشيخ محمد بدر حسين الى الرفيق الاعلى وترك لنا نجوم ساطعة تكمل المسيرة من بعده زرع فيهم القيم النبيلة والاخلاق الفاضلة وهم ابنائه الذين يعملون جاهدين على جمع تراث والدهم.