وزير الأوقاف: الدول التي لا تبنى على القيم والأخلاق مآلها إلى السقوط والزوال
أكد وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، أن الصدق أخص علامات الإيمان والكذب أخص علامات النفاق، وأن الصدق كما يُطلب على مستوى الأفراد يطلب على مستوى الدول، فالدول الصادقة هي التي تفي بعهودها ومواثيقها والتزاماتها تجاه الدول الأخرى، أما الدول الكاذبة فهي التي لا تفي لا بعهود ولا بمواثيق ولا بالتزامات ولا بالتزامات، وأن الأمم والدول التي لا تبنى على القيم والأخلاق ولا تتعامل بالصدق والشرف مآلها إلى السقوط والزوال وإن طال الأمل.
وقال وزير الأوقاف في تصريحات اليوم، إن الصدق، والأمانة، والحياء، والكلمة الطيبة، والجود والكرم، وغيرها من المعاني التي يحث عليها الإسلام، لافتا إلى أن الصائم لا يمكن أن يكون كذابًا أبدًا، ذلك أن من أخص علامات الإيمان والمؤمنين؛ الصدق، حتى عرّف بعض العلماء الإيمان بالصدق، فقال: الإيمان الحقيقي أن تقول الصدق مع ظنك أن الصدق قد يضرك، وأن لا تقول الكذب مع ظنك أن الكذب قد ينفعك، لأنك توقن وتعلم أن الأمر كله لله سبحانه، وبيد الله سبحانه، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، فالصدق كما قال نبينا (صلى الله عليه وسلم): "إنَّ الصِّدقَ يَهدي إلى البِرِّ وإنَّ البِرَّ يَهدي إلى الجنَّةِ وإنَّ الرَّجلَ ليصدقُ ويتحرَّى الصِّدقَ حتَّى يُكتبَ عندَ اللَّهِ صدِّيقًا".
وأضاف وزير الأوقاف: أما الكذب فهو من أخص علامات النفاق، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "آيةُ المُنافِقِ ثلاثٌ: إذا حدَّثَ كذَبَ، وإذا وعَدَ أخلَفَ، وإذا ائْتُمِنَ خان" ، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "رْبَعٌ مَن كُنَّ فيه كانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، ومَن كَانَتْ فيه خَصْلَةٌ منهنَّ كَانَتْ فيه خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حتَّى يَدَعَهَا: إذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وإذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وإذَا خَاصَمَ فَجَرَ"، وإذا كان الصوم علاقة بين العبد وربه، حيث يقول الحق سبحانه في الحديث القدسي: "كلُّ عملِ ابنِ آدمَ له إلا الصومُ فإنه لي وأنا أَجْزِي به" ، فلا يليق أبدًا بالصائم الحق الذي يحبس نفسه عن الطعام والشراب ابتغاء مرضاة الله ومراقبة له سبحانه، وخوفًا منه وطمعًا في ثوابه أن يكون كذابًا، وأن يتعرض لسخط الله وغضبه بكذب، وأن يدخل بكذبه في عداد المنافقين، وهو الذي يبتغى بصومه وجه الله (عز وجل).
وأشار وزير الأوقاف إلى أن الصدق عمود الأخلاق حيث وصف به ربنا (عز وجل) نفسه فقال "قُلْ صَدَقَ اللَّهُ"، ووصف به أنبياءه ورسله (عليهم السلام)، فقال سبحانه: "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا"، مقدمًا الوصف بالصدق على الوصف بالنبوة والرسالة، وقال في شأن سيدنا إدريس (عليه السلام): "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا"، مقدمًا الوصف بالصدق على الوصف بالنبوة والرسالة، وقال في شأن سيدنا إسماعيل (عليه السلام): "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا"، وقال عن حبيبنا ونبينا وسيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم): "وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى"، فقد عُرف نبينا (صلى الله عليه وسلم) في قومه منذ صغره بالصادق الأمين ، يقول شوقي: لقَّبتموهُ أَميـنَ القومِ في صِغرٍ ***وما الأَمينُ على قوْلٍ بمتّهَمِ.
وأوضح وزير الأوقاف أن القرآن الكريم تحدث عن وعد الصدق، ولسان الصدق، وقدم الصدق، ومدخل الصدق، ومخرج الصدق، ومبوأ الصدق، ومقعد الصدق، أما مدخل الصدق فهو كل دخول دخلته في طاعة الله وبطاعة الله، دخلت بيتك أو دخلت السوق أو دخلت مكان العمل مخلصًا النية لله، مراقبًا لله (عز وجل)، في عملك وبيعك وشرائك، وخروج الصدق هو كل خروج خرجته في طاعة الله وبطاعة الله، أما من خرج في أذى الناس فليس بخروج صدق بل هو خروج كذب، ومن خرج لطاعة أو إغاثة ملهوف أو زيارة مريض أو مساعدة محتاج فهو مخرج الصدق، ومبوأ الصدق هو المنزل الحسن في الدنيا، ومقعد الصدق هو جنة الله يوم القيامة.
وتابع قائلا: نسأل الله (عز وجل) أن يبوئنا مبوأ الصدق وأن يدخلنا جنة الصدق، ما أجمل الدين والدنيا إذا اجتمعا، وقد علمنا ديننا الحنيف: "رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ"، لك هذه الجماعات التي تضع الإنسان إما أن تختار الدنيا وإما أن تختار الآخرة، إما أن تكون مع الدنيا وإما أن تكون مع الآخرة، نسأل الله أن يرزقنا خيري الدنيا والآخرة معًا.
واستكمل: فهو الذي علمنا ذلك: "رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ"، أما وعد الصدق فهو الجنة نسأل الله أن يجعلنا من أهلها، يقول سبحانه: "أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ"، وأما لسان الصدق فهو الثناء الحسن الجميل بالحق في الدنيا يقول الحق سبحانه وتعالى على لسان سيدنا إبراهيم (عليه السلام): "وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ"، وهذا عاجل بشرى المؤمن، حيث: "مُرَّ بجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَمُرَّ بجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرًّا، فَقالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ.
واختتم: قالَ عُمَرُ: فِدًى لكَ أَبِي وَأُمِّي، مُرَّ بجَنَازَةٍ، فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرٌ، فَقُلْتَ: وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَمُرَّ بجَنَازَةٍ، فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرٌّ، فَقُلْتَ: وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ؟ فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: مَن أَثْنَيْتُمْ عليه خَيْرًا وَجَبَتْ له الجَنَّةُ، وَمَن أَثْنَيْتُمْ عليه شَرًّا وَجَبَتْ له النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ في الأرْضِ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ في الأرْضِ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ في الأرْضِ"، وإذا أحب الله عبدًا نادى في ملائكته يا ملائكتي إني أحب فلانًا فأحبوه فيكتب له القبول في الدنيا والفضل إن شاء الله في الآخرة.