رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

في يوم ميلاده.. محمد القصبجي موسيقار حوله حب أم كلثوم إلى مشروع قاتل

نشر
محمد القصبجي
محمد القصبجي

لم يجلس محمد القصبجي على كرسي متحرك في نهاية حياته، إلا أن الكثيرين اعتبروه فنانا قعيدا لا يستطيع الوقوف على قدميه مجددا، ومغادرة مكانه خلف أم كلثوم، وهو يحتض نفسه بكل حواسه متخذا وضع الجنين حول العود، وكأنه يحتمي بصوتها.

غرام «الست» حول الفنان الذي سجل اسمه في تاريخ الموسيقى العربية كأمهر عازف للعود، وأحد المجدّدين الأوائل في الغناء العربي، إلى مشروع قاتل، يمسك مسدسا، ويجري نحو محمود الشريف ليطلق النار على رأسه بعد أن علم أنه سوف يتزوجها.

نظرة من عيون أم كلثوم كانت كفيلة بأن تجعل يده ترتعش، ليسقط السلاح على الأرض، ونظرة أخرى منها إلى الشريف أقنعته أن يتنازل عن المحضر الذي وقعه في قسم الشرطة وهو يتهم القصبجي بالقتل العمد!

لقاء «قصب» و«ثوما» في «رق الحبيب» عام 1944 صنع زلزالا في تاريخ الطرب، ظلت آثاره باقية لسنوات طويلة على صوت كوكب الشرق وهما يحققان نجاحا ورواء الآخر وانتشارا سجل الرقم الأعلى في توزيع الاسطوانات، حتى جاء بليغ حمدي الذي دبر انقلابا منحه سلطة إدارة ممتلكات الحنجرة السماوية.

إلى العنان وصل محمد القصبجي مع أم كلثوم وهو يلحن لها 120 أغنية، إلا أن السيدة لم تكن ترغب في الشراكة مع أحد، فضلت احتكار «العلالي»، ووضعته في الثلاجة ليتم تجميده كملحن بإمكانه دائما القفز إلى المقدمة خاصة وهو يجرب العمل بعيدا عنها مع أسمهان «الطيور» و«إمتى ح تعرف» وليلى مراد «اضحك كركر» و«قلبى دليلى».

ليلى مراد

اعتزل محمد القصبجي التلحين في سنواته الأخيرة بعد أن ملأ الدنيا نغما، وتعاون مع أحمد رامي في طرح منيرة المهدية أرضا، وتنصيب أم كلثوم ملكة على عرش الغناء إلى الأبد.

في أيامه الأخيرة طفحت المجاري في الشارع الذي يسكن فيه (6 حارة الطوبجي المتفرع من شارع عبد العزيز) وحين تحولت المنطقة إلى بحيرة من القذارة ينتشر فيها البعوض، استغاث القصبجي بالطبيب حين شعر بآلام مبرحة في جسده، إلا أن الطبيب لم يتمكن من اجتياز البحيرة وعاد من حيث أتى، ليظل يعاني وحيدا، مهملا.

استضافته مجلة «الكواكب» ضمن زاوية «كلمة ورد غطاها» التي كانت تقدمها أسبوعيا للقراء قال له الصحفي: من زمان لم نسمع أغنيات من تلحينك؟ وردّ: «والله الذنب مش ذنبي. لا أحد يكلفني بالتلحين، أنا دائما عايش مع ألحان جديدة، مع نفسي وأفكاري».

قال إنه لم يفشل أبدا لكن الجمهور بدأ ينساه، وتمنى أن يموت على المسرح، ولكن قبل ذلك يرغب في تأليف عمل موسيقي يحدث ضجة، وكشف أن ما يتحدث عنه هو كونشيرتو للعود، لكنه توفي في 25 مارس 1966 قبل أن ينجز الكونشيرتو، وترك خلفه مذكراته التي لم ينشرها الورثة حتى الآن، وظل كرسيه في فرقة أم كلثوم شاغرا حتى خريف 1969. 

عاجل