بمناسبة نقل المومياوات.. خبير آثار ينفي صفة فرعون موسى عن ملوك مصر
أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، أنه لا يوجد دليل أثري واحد على اتهام أحد ملوك مصر بأنه فرعون نبي الله موسى.
وأوضح ريحان، في تصريحات خاصة لـ"مستقبل وطن نيوز"، أن الدراسات المختلفة الأجنبية والعربية وجهت اتهامات لعدد من ملوك مصر بأنهم فراعنة نبي الله موسى، وهم أحمس وتحتمس الأول وحتشبسوت وإخناتون وحور محب وسيتى الثاني ورمسيس الثاني ومرنبتاح.
وأشار إلى أن هناك شروطًا لا بد أن تنطبق على فرعون، طبقًا لما جاء في القرآن الكريم والتوراة والأدلة العلمية والأثرية والتاريخية والقرائن، وهو أن يكون فرعون أحد ألقابه، فلم يكن كل ملوك مصر يلقبون بفرعون، وأن تكون هناك أدلة أثرية وعلمية مؤكدة على غرقه في البحر، وأن يكون قد سخّر بني إسرائيل في صناعة الطوب اللبن لبناء مدينة "بر رعمسو" طبقًا للتوراة، وأن تكون هناك أدلة أثرية على أن قصر فرعون يقع شمال أرض جاسان في الدلتا التي عاش بها بنو إسرائيل حسب التوراة
وأوضح أن هذا الملك يكون قد حرم من الذرية ولا ينجب لفترة طويلة، حتى أن زوجته قالت "قرة عين لي ولك" عندما حاول الملك قتل نبي الله موسى طفلًا، وأن يكون قد أصاب آثاره دمارًا شديداً، وادعائه الإلوهية، وأن تكون الضربات التي حدثت في مصر كانت في عهده حسب التوراة، وأن تكون مدة حكمه طويلة بما يكفي لأن تحدث فيها التقاط الطفل موسى وقتل المصري وهروب نبي الله موسى الأول وعودته ثم الخروج من مصر عبر سيناء، وأن يكون معاندًا ومصرًا على بقاء بنى إسرائيل وعدم خروجهم من مصر.
وشدد ريحان، على أنه لا يوجد أي ملك من ملوك مصر أثبتت الحقائق الأثرية والتاريخية والعلمية انطباق هذه الصفات عليه حتى الآن، موضحًا أنه بخصوص أحمس الذي اتهمه المؤرخ اليهودي يوسيفيوس ابن متى، في القرن الأول الميلادي بأنه فرعون موسى بناءً على فهمه الخاطئ أن "العابيرو" هم أنفسهم بني إسرائيل، وهم أيضًا الهكسوس الذي طردهم أحمس الأول، وبالتالي فهو بذلك فرعون موسى.
وأوضح أن الشروط لا تنطبق على أحمس، فهو لم يكن مصرًا على بقاء بني إسرائيل، بل كان حلمه الأكبر تحرير مصر من الهكسوس الغزاة، كما أن الهكسوس تاريخيًا استحالة أن يكونوا هم بنو إسرائيل، كما أن أحمس كان يعيش في طيبة وليس في "بر عمسو".
ويتابع ريحان، أنه بخصوص اتهام تحتمس الأول طبقًا لنظرية J.de Micelle عام 1960، التي اعتمدت على وجود أورام بمومياء تحتمس الأول، واتخذها دليلًا على إصابته بطفح جلدي نتيجة الضربات العشر، فقد وجدت أيضًا هذه الأورام في مومياء تحتمس الثاني والثالث وحفيده أمنحتب الثاني نتيجة مرض فيروسي يصيب العصب الليفي، وينتقل بين أجيال العائلة الواحدة.
كما اتهم عالم المصريات الأمريكي الدكتور هانز جيديك حتشبسوت بأنها فرعون الخروج اعتمادًا على تاريخ خروج بنى إسرائيل كما يعتقد في ربيع عام 1477 ق.م. في عهد الملكة حتشبسوت، وهذا التاريخ يتوافق مع حدوث انفجار بركاني بجزيرة تيرا التي تعرف بجزيرة سانتورين 70كم شمال جزيرة كريت باليونان، وأنه تصادف أن خروج بني إسرائيل كان عقب هذا الانفجار عند وصولهم إلى بحيرة المنزلة.
ويفند الدكتور ريحان ذلك بأن اقتران انفجار بركاني في إحدى جزر اليونان التي تبعد عن بحيرة المنزلة بأكثر من ألف كيلومتر بحدوث موجات مد في الوقت نفسه قد وصل إلى جيش فرعون ليغرقه أنه أمر غير مقبول ولا يقبله العقل ويبدو كأنه متعمد لمثل هذه المناسبة بالذات، كما أنه لا يوجد في أحداث التاريخ العام ما يثبت حدوث هذا الانفجار البركاني في ربيع تلك السنة 1477ق.م كما أن غرق فرعون طبقًا لنص القرآن الكريم حدث بمعجزة ولا تحتاج المعجزة لتفسير علمي كحادثة الإسراء والمعراج على سبيل المثال وأمام أي معجزة إلهية نقول "سبحان الله" لأنه القادر وحده على أن يقول للشيء كن فيكون
أمّا بخصوص ملوي في صعيد مصر فإن أصلها في القبطية "منلاو" المشتقة من المصرية القديمة "مرى" أو مريت بمعنى ميناء لأنها كانت ميناءً للمقاطعة السادسة عشرة التي تمتد حتى حدود المنيا، ولا علاقة لها باسم جد من بني إسرائيل.
كما أن الملك "أي" ليس عم إخناتون فلم يرد فيما دونه الكاهن "أى" الذي أصبح ملكًا على مصر بعد موت توت عنخ آمون أى إشارة إلى انتسابه للأسرة الملكية، وأن صولجان الحكم ليس على هيئة عصا يعلوها ثعبان كما ذكر أحمد عثمان وهذا يتضح في الصور والرسوم التي ظهر فيها الصولجان على شكل عصا معقوفة وهي في الأصل كانت عصا الراعي في عصور ما قبل التاريخ.
وأكد أن الإدّعاء بأن الذي سخّر بني إسرائيل في بناء مدينة رعمسيس هو رمسيس الأول هي مغالطة تاريخية، لأن الأدلة الأثرية تثبت أن الذي شيد "بررعمسيس" هو رمسيس الثاني لتكون عاصمة حربية في شرق الدلتا لقربها من ميادين حروبه في الشام، والادعاء بأن إخناتون خرج ببني إسرائيل من ثارو لا يتوافق حتى مع المصدر الوحيد لها وهو التوراة التي ذكرت في سفر الخروج أن موسى عليه السلام خرج ببنى إسرائيل من مدينة رعمسيس.