عيد الأم.. قصة دعوة أطلقها علي أمين من دار "أخبار اليوم" واستجاب لها الملايين
قبل 66 عاما ذهبت سيدة إلى الصحفي علي أمين، في مكتبه بأخبار اليوم، تشكو له من ابنها، وكانت كلماتها تختلط بالدموع، والأم لا تشكو من ولدها، إلا بعد أن تحطم قلبها، ونفد صبرها.
وقالت: إنها أعطت كل ما تملك، رفضت الزواج بعد موت أبيه وهي في سن العشرين، حتى لا تعرضه لقسوة زوج الأم، باعت كل ما لديها لتوفر له حياة كريمة، وحين حصل على شهادة ووظيفة محترمة، رد لها الجميل بأن هجرها، دون حتى أن يقول لها «شكرا يا أمي» بينما هي تدعو له بالسعادة والهناء، وسألته: هل هو ابن عاق.. أم أن صغر سنه هو الذي أنساه؟!
أخذ علي أمين، يخفف عنها مؤكدا أن ابنها يحبها، وأن كلمة شكرا تقف بين شفتي الأولاد، فيعجزون عن النطق بها أمام أمهاتهم، وكانت كلماته هذه كالمنديل الذي تجفف به دموعها.
ومن خلال عموده "فكرة" ظل علي أمين يدعو الناس إلى الاحتفال بعيد الأم في بدايات عام 1955 قائلا: لم لا نتفق على يوم من أيام السنة نطلق عليه «يوم الأم» ونجعله عيدا قوميا في بلادنا، واقترح أن يكون 21 مارس، اليوم الذي يبدأ فيه الربيع، وتتفتح فيه الزهور والقلوب، داعيا أن يكون مختلفا عن باقي أيام السنة الروتنية، لا تغسل ولا تطبخ فيه الأم، وأنما تصبح ضيفة الشرف الأولى.
وكان علي أمين، يظن أن فكرته ستحظى بقبول وانتشار، إلا أن العكس هو ما حدث، هاجمته الصحف واتهمته بأنه يحاول التفريق بين الأمهات والآباء، ولكنه لم يتراجع وراح يدافع عن اقتراحه، في سلسلة من الأفكار والصور الكاريكاتورية.
ويقول علي أمين: تحمس الأطفال والأبناء والبنات للفكرة. وأصبحت المحلات التجارية تبيع في عيد الأم، أكثر مما تبيعه في أعياد الفطر، وأعياد الميلاد، ما جعل الرئيس جمال عبد الناصر، يصدر قرارا باعتبار عيد الأم، عيدا رسميا في مصر.
وتراجعت الصحف عن إضرابها وبدأت تكتب عن عيد الأم، وأفسحت محطات الإذاعة والتليفزيون برامجها، للتحدث عن هذا العيد الشعبي، وقال ملايين الأطفال والأولاد والبنات لأمهاتهم "شكرا" وضحكت قلوب ملايين الأمهات، وازدحمت البيوت بالقبلات، إلا أن الحساد ضاقوا بنجاح هذا العيد! وصدر قرار بإلغاء عيد الأم واستبداله بعيد الأسرة!
وأخفق عيد الأسرة وأرسلت ملايين من الأمهات والأطفال رسائل إلى الرئيس جمال عبد الناصر، يطلبن فيها رد الاعتبار إلى عيد الأم، واستجاب عبد الناصر إلى رجاء الملايين، وأصدر مرسوما بإلغاء عيد الأسرة والعودة للاحتفال بعيد الأم، وعادت الضحكات إلى كل بيت وكل كوخ.
ويقول علي أمين: أنا لا أريد أن أرهق ميزانية الأطفال، إذا استطعت فقدم لوالدتك هدية صغيرة.. إن هدية الطفل تكبر وتتضخم في عيني الأم التي تحبه، فهدية ثمنها قرشا واحدا من ابن تبدو أمام الأم وكأن ثمنها 1000 قرش.
إذا لم تجد ثمن الهدية.. فقدم لها وردة حمراء. وردة واحدة منك هي أكبر من باقة زهر يقدمها غيرك. إذا لم تجد ثمن الهدية، أو ثمن الوردة فاكتب لها رسالة رقيقة وحدثها عن حبك وعرفانك لجميلها. قل لها شكرا يا أمي. إن هذه الرسالة عند الأم أثمن من الهدية والزهرة.
وإذا استطعت فقدم لها صباح العيد، الهدية والوردة والرسالة.