شاكر عبدالحميد.. رمز التنوير الداعي لتجديد الخطاب الديني
رحل عن عالمنا في ساعة متأخرة من مساء أمس الخميس، الدكتور شاكر عبد الحميد وزير الثقافة الأسبق وأحد أبرز المثقفين المصريين، الذي تحمل مؤلفاته خصوصية، ونظرة موسوعية للعلوم والفنون، وله حضور قوى في الوسط الثقافي.
وخيمت حالة من الحزن والأسى على الساحة الثقافية بعد رحيل عبدالحميد عن عمر يناهز 69 عاما متأثرا بإصابته بفيروس كورونا، فيما نعاه أصدقاؤه وتلامذته ومحبوه بعبارات مؤثرة بعد "صدمة الرحيل".
وبرحيل شاكر عبد الحميد، تفقد مصر رمزا من رموز التنوير، وهب مسيرته الإبداعية للتأكيد على الهوية المصرية في مواجهة قوى التطرف وخاض كثيرا من المعارك في سياق تجديد الخطاب الديني.
وتعد قضية تجديد الخطاب الديني، من أهم شواغل الدولة المصرية في المرحلة الحالية باعتبارها أحد أهم الملفات المطروحة في إطار جهود الدولة لمحاربة التطرف والإرهاب من خلال الفكر ولأنها ليست قضية رجال الدين وحدهم بل قضية المجتمع ككل والمثقفين بشكل خاص باعتبارهم أصحاب الفكر والرؤى التي من شأنها أن تساعد في التصدي لهذه القضية.
وللراحل أراء واضحة في قضية تجديد الخطاب الديني مثل قوله إننا نريد تجديد الممارسات بداية من الأزهر حتى المدارس، وكذلك البرامج الدينية، والإفتاء، ومنع كل من هب ودب بالخروج للإفتاء في القنوات، واقتصار الموضوع على المؤسسة الرسمية للدولة فقط.. ودائما ما كرر تأكيده أن تجديد الخطاب يحتاج إلى دخول الجميع فيه ومشاركة كل من يستطيع أن يقدم إسهاما جيد وأننا غارقون في التكرار.
ولعب الراحل دورا مهما في الثقافة المصرية وترك بصمات بارزة في مجال النقد الفني كما شارك في إعداد أجيال من المبدعين.
والدكتور شاكر عبد الحميد سليمان من مواليد 20 يونيو 1952 بأسيوط بصعيد مصر، وعمل أميناً عاماً للمجلس الأعلى للثقافة ثم تولى منصب وزير الثقافة بوزارة كمال الجنزوري في ديسمبر 2011، وهو أستاذ لعلم نفس الإبداع بأكاديمية الفنون المصرية، وحاصل على درجة الدكتوراه تخصص علم نفس الإبداع من جامعة القاهرة ، كما شغل منصب عميد المعهد العالي للنقد الفني بأكاديمية الفنون.وعمل مديراً لبرنامج تربية الموهوبين بكلية الدراسات العليا بجامعة الخليج العربي (مملكة البحرين / 2005 - 2011).
وتخصص الفقيد في دراسات الإبداع الفني والتذوق الفني لدى الأطفال والكبار وله مساهمات في النقد الأدبي والتشكيلي أيضا، وكان أكاديميًا جليلا وناقدا فنيا صاحب بصمة واضحة، وتمكن من مواكبة الأجيال الشابة المبدعة، وكان نبراسا لهم، وستظل أبحاثه ومؤلفاته إرثا مهما تستفيد منه المكتبة العربية وأسهم بإثراء الحياة الأدبية والثقافية والإبداعية في مصر.
وللراحل عديد من الدراسات في النقد الأدبي مثل القصة المصرية القصيرة..الدوافع والغايات ، وعالم عبد الرحمن منيف الروائي ، وسبيل الشخص سبيل الوطن ، وتحولات الحلم في مدينة الموت الجميل.
كما أن له عديد من الكتابات والمشاركات مثل العملية الإبداعية في التصوير والسهم والشهاب (دراسات في القصة والرواية العربية) ـ القاهرة وطنطا ـ مصر ـ مطبوعات الرافعى، 1987 والطفولة والإبداع (سلسلة في خمسة أجزاء) صدر عن الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية 1989.
وفي حياته، نال العديد من الجوائز مثل جائزة شومان للعلماء العرب الشبان في العلوم الإنسانية والتي تقدمها مؤسسة عبد الحميد شومان بالمملكة الأردنية الهاشمية عام 1990 وجائزة الدولة للتفوق في العلوم الاجتماعية – مصر – 2003، وجائزة الشيخ زايد للكتاب في مجال الفنون -2012 عن كتاب الفن والغرابة.