رأس مرمدة وآثار ما قبل التاريخ بالمتحف المصري بالتحرير
تجري حاليا، بالمتحف المصري بالتحرير، أعمال اختيار وإعادة سيناريو العرض المتحفي لآثار القاعة (43 أرضي) التى تضم قطعا أثرية لعصور ما قبل التاريخ وبداية الأسرات، وذلك في إطار مشروع تطوير المتحف المصري الممول من الاتحاد الأوروبي.
وشملت أعمال التطوير تجديد بعض الفاترينات بنفس الطابع القديم الذي يرجع لافتتاح المتحف عام 1902، وعرض بعض القطع الأثرية بشكل جديد ومن أهمها (رأس مرمدة) والتي ستعرض حاليا في فاترينة خاصة بها كقطعة رئيسية نظرا لأهميتها التاريخية، بدلا من عرضها وسط فاترينة تضم عددا كبيرا من القطع الأثرية.
و(رأس مرمدة) يرجع اكتشافها لعام 1982م عندما عثر الألماني جوزيف إيفنجر بالمعهد الألماني للآثار على رأس آدمية في الطبقة الخامسة والأخيرة من قرية مرمدة بني سلامة، وهى قرية صغيرة تقع فى جنوب غرب الدلتا بالقرب من قرية "الخطاطبة" على بعد حوالى 50 كم شمال غرب القاهرة وتتبع إدارياً مركز "إمبابة" بمحافظة الجيزة.
وترجع (رأس مرمدة) للعصر الحجري الحديث، وتم تأريخ الرأس بفترة تمتد من 4800 - 4500 ق.م، والرأس آدميه الشكل ذات ملامح خشنة فيها بدائية ومصنوعة من التراكوتا (الطين المحروق) وعليها بقايا تلوين بالمغرة واسعة العينين وصغيرة الأنف والفم مضموم، كما أن به ثقوب كثيرة بالرأس لتثبيت خصلات الشعر وفى أسفل الذقن ثقب كبير، ودعا كثير من الباحثين للاعتقاد أنها كانت رأسا لمعبود كانت تثبت في عصا وتتقدم المواكب الدينية في العصر الحجري الحديث.
ووفقا لما ذكره عالم المصريات الراحل الدكتور علي رضوان في كتابه "الخطوط العامة لعصور ما قبل التاريخ وبداية الأسرات في مصر" يعتبر موقع مرمدة بني سلامة، (حوالى 5000 إلى حوالى 4100 ق.م) أقدم دليل على حياة قرية حدث فيها استقرار سكانى فى وادى النيل ويعود الفضل في الكشف عنها لعالم الآثار الألماني هرمان يونكر عام 1928، وهي إحدى حضارات العصر الحجري الحديث، وكان تخطيط المدينة عن صفين من المساكن يفصل بينهما شارع مستقيم، وكان أهل مرمدة يدفنون موتاهم بين المنازل - وربما بداخلها - في وضع القرفصاء مع وضع قرابين الأطعمة بجانبهم اعتقاداً منهم أنها ستنفعهم ويستخدمونها عندما تعود إليهم الروح مرة أخرى بعد البعث.
وعرف أهل مرمدة، الزراعة وتشوين الغلال والرعي وصناعة الفخار والنسيج والحلي، وكان فخار مرمدة غير مزين محزوز.
وحضارة مرمدة تمدنا بمعلومات قيمة عن طبيعة الحياة والمعتقدات ومستوى التقدم الحضارى في العصر الحجري الحديث فيما قبل الأسرات، وكشفت تلك الحضارة عن أوان حجرية لكنها نادرة واستخدم فى صنعها حجر البازلت والجرانيت، كما استخدموا فئوس القتال والسهام ودبابيس الحرب وعرفوا أقدم أنواع فنون النحت.
من جانبها، قالت صباح عبدالرازق مدير عام المتحف، فى تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم، إن وزارة السياحة والآثار بدأت منذ عام 2019 مشروعا لتطوير المتحف المصري بالتحرير بمنحة تبلغ 3.1 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي حسب المعايير الدولية، ويشارك فيه قيادات الوزارة وأساتذة الآثار بالجامعات المصرية، وتحالف المتاحف الأوروبية (المتحف المصري بتورينو، اللوفر، المتحف البريطاني، المتحف المصري ببرلين، المتحف الوطني للآثار بهولندا، المكتب الاتحادي للبناء والتخطيط الإقليمي، المعهد الفرنسي لعلوم الآثار، والمعهد المركزي للآثار).
وأضافت أن المشروع يتضمن خطة قصيرة المدى وطويلة المدى لمدة 7 سنوات، لرفع كفاءة ومستوى المتحف، لوضعه على قائمة التراث العالمي وتحديد هوية المتحف المصري عقب إخلائه من مجموعتي (توت عنخ آمون) و(المومياوات الملكية).
وأوضحت أن تطوير القاعات ضمن مشروع الاتحاد الأوروبي يتضمن كافة الجوانب المتحفية من حيث العرض المتحفي، وترميم القطع الأثرية التي في حاجة إلى ترميم، تطوير بطاقات الشرح، التأمين، الإضاءة، والأرضيات والدهانات.
وأكدت أنه يتم حاليا إعداد استراتيجية تسجيل المتحف المصري على قائمة التراث العالمي لليونسكو، كونه من أقدم المتاحف فى الشرق الأوسط، وكذلك لما يحويه من قطع نادرة، ويشمل ذلك مبنى المتحف والمحيط الثقافي له.