«نجحت فيما فشل فيه الرجال».. عزيزة أمير قصة كفاح شكلت شخصية «أم السينما المصرية»
ممثلة ومنتجة ومخرجة ومونتيرة مصرية، بدأت إنتاج الأفلام الروائية الطويلة في مصر على يدها، وهي صاحبة الفيلم الأول في تاريخ السينما المصرية "ليلى"، لذلك قال عنها طلعت حرب: "نجحت فيما فشل فيه الرجال"، و أطلق عليها لقب "أم السينما المصرية"، فهي الفنانة القديرة عزيزة أمير، التي يحل اليوم ذكرى وفاتها الـ 69.
تمثل حياة الراحلة عزيزة أمير قصة كفاح طويلة، فهي من أسرة فقيرة تعود أصولها لدمياط، توفي والدها بعد أسبوعين من مولدها، وانتقلت في طفولتها مع أسرتها لتعيش بمنطقة السيدة زينب، ثم التحقت بالمدرسة إلا أنها لم تكمل دراستها، وذهبت إلى تعلم مبادئ الموسيقى إذ رغبت في البداية أن تصبح موسيقية، كما تعلمت اللغة الفرنسية.
بدأت حياتها الفنية بكذبة جريئة، على الفنان الكبير يوسف وهبي، حين مثلت عليه بأنها فتاة ثرية من الطبقة الأرستقراطية، عندما كانت تقوم باختبارات الأداء، ليوافق على عملها معه في فرقته "رمسيس" ويعطيها اسمها "عزيزة أمير"، لتعترف له لاحقًا بالحقيقة، وظلت معه موسمًا واحدًا قبل أن تنتقل لفرقة "شركة ترقية التمثيل العربي" وفرقة "نجيب الريحاني"، ثم عادت مرة أخرى لفرقة يوسف وهبي ولكن كمخرجة لمسرحية "أولاد الذوات"، والتي تحولت بعدها لفيلم سينمائي رُشّحت لتقوم ببطولته قبل أن يذهب الدور للفنانة القديرة أمينة رزق.
كانت الفنانة عزيزة أمير هي الممثلة الأعلى أجرًا، في هذه الفترة، إذ وصل أجرها إلى ثلاثين جنيهًا، لتقرر استقلالها بتأسيس شركتها السينمائية "إيزيس" والتي قدمت من خلالها أول أفلامها "نداء الله" والذي فشل فشلًا ذريعًا، وعلى الرغم من ذلك لم تستسلم، فبعدها بعام قدمت أول فيلم صامت من إنتاج مصري "ليلى"، والذي "حضره أمير الشعراء أحمد شوقي، لتتوالى بعدها أعمالها الفنية، ليشكل 22 عملًا معروفًا، مسيرتها الفنية.
وتأتي الفنانة عزيزة أمير أيضًا كأول من قدم القضية الفلسطينية في السينما العربية، من خلال فيلمها "فتاة من فلسطين" عام 1948، ثم فيلم "نادية" عام 1949، والتي أثارت من خلالها جدلًا كبيرًا في هذه الفترة وحققا نجاحًا كبيرًا في صالات العرض السينمائية.
في الثلاثينيات عانت عزيزة أمير من خسارة شركتها، ووقتها كانت انفصلت عن زيجانها الثلاثة، ووقعت في غرام الفنان الوسيم محمود ذو الفقار، الذي كان يصغرها سنًا وقتها، وبعد أن أغلقت الشركة الخاصة بها، أسست معه، شركة "أفلام عزيزة"، والتي كان لها تأثير ضخم فنيًا وتجاريًا.
في نهاية حياتها عاشت الفنانة عزيزة أمير حالة من الحزن والألم الشديد، على ابنها، الذي فقدته بعد ولادته بدقائق فقط، ثم إصابتها بمرض العضال، والذي تسبب في ابتعادها عن التمثيل واكتفائها بالكتابة فقط، حتى عادت مرة أخرى وأخيرة للتمثيل من خلال فيلمها "آمنت بالله" وقالت إن عزاءها في ابنها، هو أنها أنجبت ابنة وهي السينما المصرية، لترحل بعدها عن عالمنا في 28 فبراير 1952، تاركة ميراثًا كبيرًا يتوارثه الأجيال.