المنتصر بالله.. «شلاولو» الذي ضحى بوظيفته من أجل إضحاك الجميع فنسوه
موهبة استثنائية متكاملة، وصاحب بصمة كوميدية خاصة، ظلت روحه ترفرف في عالم الفن لسنوات طويلة، واستطاع أن يدخل قلوب الجميع بخفة ظله وحسه الكوميدي، وخصوصًا في المسرح الذي تشهد خشبته وجدرانه ومقاعد المشاهدين على ضحكات الجماهير التي لم تنطفئ حتى اليوم عند سماعه، فهو صاحب شخصية "شلاولو" بـ "شارع محمد علي"، و"حلاوة" في مسلسل "أنا وأنت وبابا في المشمش" و"سنجر" في مسرحية "علشان خاطر عيونك" فهو الفنان الراحل المنتصر بالله، الذي يحل اليوم الأحد ذكرى ميلاده.
فهو المنتصر بالله رياض عبدالسيد، بدأ مشواره الفني مع فرقة ثلاثي أضواء المسرح في أوائل السبعينيات، وفي تلك الفترة شارك في العديد من الأعمال بين السينما والمسرح والتليفزيون، منها "الدوامة، الدنيا لما تلف، فيفا زلاطا" وغيرهم الكثير حيث وصلت أعماله لأكثر من 180 عملًا، وتعتبر مسرحيتا: "شارع محمد على، وعلشان خاطر عيونك"، من أشهر ما قدمه على المسرح.
المنتصر بالله أو أبو البنات الثلاث، هو الموظف الذي جازف باتخاذ قرار قد يرى فيه البعض جنونًا، عندما قرر ترك وظيفة بدخل ثابت في إحدى الشركات، من أجل العمل في قطاع الإنتاج بوزارة الثقافة، في وظيفة دخلها غير مضمون، ليبقى رهينة موهبته وقدرته على إثبات اسمه في الفن، وحين حاول رئيسه في الشركة إثناءه عن قراره وتذكيره بأن التزامه بالعمل في الشركة لن يستقيم مع العمل الفني، وأن "صاحب بالين كداب"، ليأتي رده قاطعًا: "وإيه عرفك إني أنا ملتزم بالشركة؟ أنا ماعنديش غير بال واحد، التمثيل"، وذلك وفق تصريح له بأحد لقاءاته.
وبالفعل استطاع المنتصر بالله أن يكون واحدًأ من حريفي صناعة "الإفيهات"، ولم يكن أي إفيه، فكانت إفيهاته دائمًا مثل الرصاصة التي تدخل القلوب دون أي استئذان، ومن أهم أفلامه: "تجيبها كده تجيلك كده هي كده، أسوار المدابغ، التحدي، الحدق يفهم، الزمن الصعب، الشيطانة التي أحبتني، الطيب أفندي، الفضيحة، المعلمة سماح، المغنواتي، المواطن مصري، حارة الجوهري،، ياتحب ياتقب، حنحب ونقب، شفاه غليظة، ضد الحكومة، فقراء ولكن سعداء، محامي تحت التمرين، ممنوع للطلبة، نأسف لهذا الخطأ، ناس هايصة وناس لايصة، يا ما أنت كريم يارب".
وفِي التليفزيون قدم: مسلسلات "بدارة ، أنا وأنت وبابا في المشمش، حكايات بناتي، اجري اجري، راجل وست ستات، حقا إنها عائلة سعيدة جدا، شارع المواردي، لن أمشي طريق الأمس، الصحيح ما يطيح، أبناء ولكن، أيام المنيرة، أرابيسك، الشراغيش، آن الآوان".
وبعد مرور العقود الملئة بالنجاحات؛ جاء الفن ولم يعطي المنتصر بالله ما يستحقه في نهاية حياته، ليكتب صناعه كلمة النهاية على مشواره الفني، حتى تأتي الصدمة في إصابة صانع الضحكة بجلطة في المخ أقعدته عن العمل وصارت سببًا لشائعات متكررة عن وفاته.
"أنا ممتش بس محدش بقى بيسأل عليا".. فهذه الجملة التي وصف بها المنتصر بالله حالته طوال الـ 12 عامًا منذ إصابته بجلطة في المخ، ملأتها المعاناة والحزن، حتى وفاته، لم يجد فيهم أي أحد بجانبه سوى زوجته الفنانة عزيزة كساب التي اعتزلت خصيصا لتقف بجانبه في محنته، ووبناته الثلاثة هبة ورانيا وسارة، وأحفاده، وقلة من الفنانين، حتى أسلمت روحه في شهر سبتمبر من العام الماضي تاركًا رصيدًا فنيًا من الضحكات الكثيرة التي لن ستظل تملئ قلوب جمهوره، فمن ينسى: "قرد جاكتته حمرا"، و"والله يا مدام أنا أول ماشفتك قلت إنك مش مرات أخويا.. صلاح هو اللي جوز أختي"، و"كنت ماشي في الصحرا وقعت على راسي إزازة.. ما انا استغربت"، و"رحت عن الـ.. وقابلت الـ.. مش أنا الـ".