المفتي: مصر حاليًا نموذج مثالي لبناء الدولة الحديثة
أشاد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، بالجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤكدًا أن الدولة المصرية حاليًا تعد نموذجًا مثاليًا لبناء الدولة الحديثة التي تحقق مقاصد الشريعة المطهرة والتي تأخذ بأسباب القوة والتقدم والتنمية في جميع المجالات، دولة لا تهدر حق الفرد في مسيرة بناء وتنمية المجتمع.
وأضاف علام، خلال لقائه الأسبوعي في برنامج "نظرة" مع الإعلامي حمدي رزق، عبر فضائية "صدى البلد" اليوم الجمعة، أن فقه الدولة في الوقت الحاضر القائم على العمران والتنمية ينبغي الالتفات إليه وهو فقه مؤصل منذ عهد النبى صلى الله عليه وسلم فعقب إعلان وثيقة المدينة عمل على تأسيس مقومات الدولة وبناء كيانها وهيكلها الأساسي لِما للدولة من أهمية في النهوض الحضاري، وتحقيق مصالح الفرد والمجتمع، وفى ذلك دلالة واضحة على أهمية بناء الدولة على أسس متينة من السمو الروحي والرقى الأخلاقي والتطور الحضاري.
وعن علاقة مفهوم فقه الدولة وإنجازاتها أوضح المفتي، أن هناك ارتباط وثيق بينهما، فالشرع الشريف وما يشمله من فقه يعمل على تربية الوازع الديني والضمير والرقابة الذاتية لدى الإنسان والتناغم مع نفسه داخليًّا وظاهريًّا، وكل هذا مقوم أساسي للعمران والتنمية والتقدم الحضاري المنضبط.
وأكد مفتي الجمهورية، أن الدول التي تركز على الجانب الأخلاقي وتنمية الضمير والإيمان والرقابة الذاتية، تكون بذلك قد قامت بأكبر إنجاز إنساني ممكن في التاريخ لأن كل ذلك بواعث على الإنجاز المادي والتنموي والعمراني.
ولفت النظر إلى أن تنمية الوازع الديني لدى الفرد لا يتعارض مطلقًا مع الدور الكبير الذي تقوم به الأجهزة الرقابية في مصر في هذا الوقت العصيب، حيث تقوم بمهمة قومية كبيرة جدًّا من أجل حماية البلاد من الفساد، ومن أجل الرقى بمصر، فدور كل منهما مكمل للآخر.
وأشار إلى أن أفضل البرامج والمناهج التي يمكن أن تعين الإنسان هي المتناغمة ما بين المنهج الروحي والمنهج المادي وهذا ما أكدته أحدث الدراسات في هذا الشأن وهذا يتفق تمامًا مع المنهج النبوي الشريف، فلم يكن متعبدًا كل وقته ولم يكن غارقًا في تسيير شؤون الناس، بل كان متوازنًا طول حياته وبرغم حثه على التقوى والعبادة إلا أنه كان يشيد بأصحاب الأعمال والمهن، مرسخًا بذلك الموازنة بين الروحانيات والماديات.
وأضاف مفتي الجمهورية، أن فقه الإنجاز في مجمله من فروض الكفاية، فلو قام بالعمل المطلوب فئة قليلة سقط الإلزام عن الباقي إلا أن الإسلام أعطى الثواب للجميع، فالجميع في الثواب سواء.
وعن دعاوى المغرضين التي تنال من مؤسسات الدولة ومنها دار الإفتاء قال، إن المؤسسات الوطنية تسير وفق خططها التي وضعتها ولا تلتفت لمن يشكك أو يحبط، فالشعب المصري قد وعى الدرس وعرف أن العمل الجاد وتحقيق التنمية هي الهدف المنشود، وأن تصرفات المرء تجاه وطنه وأمته إنما تقاس بمقدار ما عنده من قيم راسخة وأخلاق متجذرة، أثمر عنها الإيمان والعمل الصالح، فإذا وجدنا خللًا في الربط بين هذين الأمرين -خاصة في وقت الأزمات- بأن ادعى أحد أنه إنما يرتسم طريق القيم والأخلاق انطلاقًا من إيمانه، ثم رأيناه يكيد لأمته ووطنه، أدركنا بداهةً مدى التناقضِ بين تصرفه وما يقوله ويدعيه.
واستنكر مفتى الجمهورية الاتهامات التي يوجِّهها المغرضون من أعداء الدولة المصرية والهاربون في الخارج إلى المؤسسات الدينية في مصر، ومن بينها دار الإفتاء، متسائلًا في تعجب: هل في مفرداتنا أن العداء للدولة هو من صفات العلماء؟! موضحًا أنه ليس من معايير العالم الشرعي أن يخالَف ولى الأمر ولا القوانين ما دامت لا تتعارض مع صحيح الدين، بل أن الشرع يلزمه بالتعاون مع ولى الأمر واحترام القوانين طالما لا يوجد تعارض مع الضوابط الشرعية.
وتابع: "فقه الإنجاز يتطلب وضع الخطط المدروسة ثم مراجعة ما تم من أعمال ومشروعات، فها نحن في دار الإفتاء حريصين كل الحرص في ختام كل عام على أن نقدم كشف حساب لما حققناه من أعمال وإنجازات، وهذا المسلك أخذناه من الشرع الشريف، حتى الخطط يجب أن تكون مدروسة وهذا أمر مترسخ في سياسات الدول المتقدمة، بل موجود في العمارة الإسلامية التي بناها المسلمون في عصور الازدهار، فنجد التوأمة والارتباط فيما بين المنطق الأخلاقي والديني ومنطق اللا ضرر ولا ضرار فنجد مثلًا المهندس يدقق كثيرًا في معايير التهوية وفق خصوصيات الجار خشية الاطلاع على عوراته، وهذه الخلفية الأخلاقية ورثها المهندس الحديث وسارت ثقافة عنده، وكذلك الطبيب قديمًا كان لا يتأخر عن إسعاف المريض في وقت متأخر فأصبحت ثقافة راسخة عنده ومن أخلاقيات المهنة وتناقلها جيل عن جيل إلى وقتنا الحاضر فنجد الأطقم الطيبة يبذلون ويضحون بكل ما يملكون لإنقاذ مرضى فيروس كورونا، فكل هذه المعايير الأخلاقية منبعها الوازع الديني والضمير الحى والرقابة الذاتية والتي تُعد من مقومات تحقيق الإنجاز في كل المجالات المعاصرة".