مدير عام «التجارة العالمية» الجديدة.. سيدة حاربت الفاسدين بشجاعة فاختطفوا والدتها
نجحت مرشحة أفريقيا وزيرة مالية نيجيريا التي حارب الفساد المالي في بلادها ، نجوزي أوكونجو- إيويلا ، في اقتناص أهم منصب تجاري عالمي لتصنع بذلك تاريخاً خاصاً للمرأة بوجه عام على مستوى العالم، ولقارة أفريقيا، بوجه خاص، فطالما سعت إلى تمثيل نفسها بعدالة في منظومة التجارة العالمية، واليوم أصبحت أوكونجو هي " أول سيدة و أول أفريقية " تتولى قيادة منظمة التجارة العالمية WTO خلفا للبرازيلي روبرتو أزيفيدو الذي غادر قبل عام من نهاية فترة ولايته واتجه بالمنظمة إلى طريق مسدود منذ الخريف الماضي، حيث عارضت إدارة ترامب تولي شخصية أفريقية لهذا المنصب .
وفي العام 2019 أدرجت منظمة "الشفافية الدولية" الخبيرة أوكونجو- إيويللا في المرتبة الثامنة عالميا بين النساء المحاربات للفساد ، كما اختيرت ضمن أعظم 50 شخصية قيادية في العالم (فورتشن 2015)، وضمن أبرز مائة شخصية الأكثر نفوذا في العالم (مجلة التايم 2014 ) .
وتناول كتابها الأخير "مخاطر محاربة الفساد: القصة وراء عناوين الأخبار" الذي صدر في العام 2018 تجربة ذاتية عايشتها أوكونجو- إيويلا أثناء توليها منصب وزارة المالية، أثناء خوضها معركة محاربة الفساد في نيجيريا وسبله وألاعيبه التي تبدد موارد التنمية لمصلحة زمرة الفاسدين على حساب الفقراء، وتنتقل إلى استعراض المخاطر الذاتية التي تعرضت لها شخصيا في عام 2012 أثناء حملتها الشرسة لمحاربة الفساد في قطاع النفط النيجيري، إذ قامت عناصر تابعة للفاسدين باختطاف أمها المسنة البالغة 83 عاماً.
و كان أول مطلب للخاطفين استقالة أوكونجو- إيويلا من منصبها في خطاب متلفز يذاع مباشرة على الهواء، وأن تغادر البلاد دون رجعة ، وبرغم ذلك أصرت أوكونجو على الاستمرار في المنصب بشجاعة نادرة ، و تمكنت أمها المسنة من الهرب من الخاطفين، واستمر برنامج الإصلاح والحرب ضد الفساد في نيجيريا ، وتقول في كتابها "إن قول الحقيقة محفوف بالمخاطر، لكن عدم قولها هو الأشد خطرا ".
و برغم نجاحاتها الدولية، لم تنس ابنة نيجيريا السيدة إيواللا دورها محلياً في خدمة بلادها كخبيرة وكمفكرة اقتصادية ، حيث كانت أول شخصية نيجيرية تؤسس منظمة بحوث واستطلاعات رأي في البلاد NOI- Polls، كما أسست "مركز بحوث ودراسات للاقتصادات الأفريقية" C-SEA، وهو مؤسسة بحثية للفكر والرأي مقره أبوجا عاصمة نيجيريا ، و تساهم أوكونجو- إيويلا بمقالات ودراسات وتقارير متخصصة في المالية والاقتصاد والتنمية في مطبوعات عالمية بارزة، وألفت عدداً من الكتب أبرزها "إصلاح ما يستعصي إصلاحه: دروس من نيجيريا"، صدر عام 2012، وكتاب "مخاطر محاربة الفساد: القصة وراء عناوين الأخبار" صدر عام 2018 السابق الإشارة إليه.
وتعد الدكتورة نجوزي أوكونجو- إيويلا أيضا هي خبيرة في التمويل، والاقتصاد، والتنمية الدولية، و امتدت خبراتها وعملها على مدار 30 عاما في قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا وأميركا اللاتينية وهي تترأس مجلس إدارة "التحالف العالمي اللقاحات والتحصين" Gavi، الذي تأسس منذ عام 2000، وساهم في تطعيم 680 مليون طفل في أرجاء العالم ونجح في إنقاذ أرواح ما يقرب من 10 ملايين إنسان.
عملت السيدة إيواللا مستشارة بارزة في العديد من الهيئات والمؤسسات الخاصة الكبرى ومن بينها "لازارد"، ومجلس إدارة مؤسسة "ستاندرد شارترد" المالية، ومؤسسة "تويتر" وسبق لها أن تولت منصب وزيرة المالية النيجيرية مرتين (2003- 2006) و(2011- 2015)، كما عملت لفترة قصيرة كوزيرة للخارجية في عام 2006.
عملت الدكتورة إنجوزي كخبيرة اقتصادية تنموية في "البنك الدولي" لمدة 25 عاماً، وارتقت في المناصب إلى أن أصبحت الشخصية الثانية في المجموعة الدولية بتوليها منصب المديرة الإدارية للعمليات في مجموعة البنك الدولي، و أشرفت خلال توليها المنصب القيادي في البنك الدولي على عمليات تمويل ومساعدات في أفريقيا وجنوب آسيا وأوروبا ووسط آسيا بقيمة 81 مليار دولار.
قادت أوكونجو- إيويلا العديد من مبادرات البنك الدولي لمساعدة البلدان ذات الدخل المنخفض أثناء أزمة الغذاء في 2008 - 2009، وبعدها أثناء الأزمة المالية العالمية ، كما تولت قيادة جهود البنك الدولي في عام 2010 لجمع 3ر49 مليار دولار لتقديمها في صورة منح وائتمانات وقروض ميسرة ومنخفضة الفائدة للدول الفقيرة في أنحاء العالم.
أثناء توليها وزارة المالية النيجيرية، قادت مفاوضات بلادها مع "نادي باريس للدائنين"ونجحت في إسقاط ديون قيمتها 30 مليار دولار عن كاهل نيجيريا، متضمنة إلغاء ديون حقيقية بلغت 18 مليار دولار.
في عهدتها الثانية كوزيرة لمالية نيجيريا خلال الفترة من 2011 إلى 2015، شنت حرباً شعواء ضد الفساد في نيجيريا، وأطلقت مبادرات إصلاحية حقيقية لتحفيز الشفافية في الحسابات الحكومية في البلاد، وتقوية المؤسسات المحاربة للفساد، وتصميم وإطلاق "نظام حكومي للإدارة المالية المتكاملة" GIFMS و"نظام متكامل لإدارة لشؤون الأفراد وجداول الرواتب" IPPMS، "وحسابات الخزانة الموحدة" TSA.
حصدت أوكونجو - إيويلا عددا كبيرا من الجوائز الدولية وشهادات التقدير من مؤسسات أوروبية وأمريكية وأفريقية وآسيوية بارزة، كما حصلت على 15 دكتوراه فخرية من جامعات مرموقة في أنحاء العالم ، و تبلغ الجدة أوكونجو من العمر 66 عاماً، ولدت في ولاية دلتا النيجيرية وهي متزوجه من أشهر جراحي المخ والأعصاب النيجيريين /البروفيسير إيكيمبا إيويلا / ولديهما أربعة أبناء وثلاثة أحفاد.