قالت الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة إن الوزارة أعدت خطة للاحتفال بمرور مائة عام على ميلاد الدكتور ثروت عكاشة فارس الثقافة المصرية، وذلك من خلال مجموعة من الفعاليات والأنشطة المتنوعة في جميع مجالات الفكر والفن وتقام بمختلف المحافظات وتتواصل على مدار العام الجاري 2021.
وأضافت عبدالدايم، في تصريح، اليوم الأحد، إن الراحل الدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة الأسبق أحد فرسان ثورة يوليو 52، وأحد أبرز رموز الثقافة في مصر والوطن العربي، حيث أعاد صياغة وجدان المصريين ونجح في قيادة وتأسيس البنية التحتية للثقافة بمصر ووضع استراتيجية كبرى للنهوض بها، حيث أنشأ العديد من الصروح ووضع الكثير من المؤلفات في الفن والفكر والثقافة، ليشهد الإبداع على يديه حالة من الازدهار والتألق.
وأشارت إلى أن الاحتفال بمئوية الدكتور ثروت عكاشة يأتي في إطار خطة وزارة الثقافة للاحتفاء بأيقونات الوطن؛ عرفانا بما قدموه من إنجازات ساهمت في الحفاظ على ريادة مصر الحضارية، ولوضعهم في دائرة اهتمام الشباب والأجيال الجديدة باعتبارهم نماذج للتفوق.
وتبدأ الاحتفالات بأمسية لأوركسترا القاهرة السيمفوني، الذي تأسس بفكرة منه، تُكرم خلالها وزيرة الثقافة اسم الراحل ويشهدها أفراد أسرته، وهم شقيقه الدكتور أحمد عكاشة ونجلاه محمود ونورا، وتقام بقيادة المايسترو أحمد الصعيدي، ومشاركة كورال أكابيلا، وتتضمن عددا من مؤلفات الموسيقار الألماني فاجنر، التي كان يعشقها الراحل، إلى جانب افتتاحية احتفالية لقائد الحفل المايسترو أحمد الصعيدي، وذلك في الثامنة مساء السبت 20 فبراير على مسرح الأوبرا الكبير.
وتستمر احتفالات وزارة الثقافة بمئوية الدكتور ثروت عكاشة طوال عام 2021، وتشمل مؤتمرا بعنوان (ثروت عكاشة.. فارس الثقافة المصرية) بالمجلس الأعلى للثقافة في أبريل 2021، وإطلاق جائزة ثروت عكاشة لترجمة الفنون السمعية والبصرية من اللغة العربية وإليها، وذلك لدوره الرائد في مجال الترجمة، وتنظيم معرض مشترك بين قطاع الفنون التشكيلية والهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية في أوائل شهر إبريل يتناول مجال الفن التشكيلي في فترة ثروت عكاشة، ويصاحبه عرض لمجموعة من المستنسخات لوثائق هامة في تلك الفترة.
كما تصدر الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية العديد من المطبوعات منها بيبلوجرافية عن أعمال ثروت عكاشة (كتاب تذكاري من الدوريات عن كل أعمال الراحل) بالإضافة إلى كتاب وثائقي عنه، إلى جانب مجموعة من المطبوعات من خلال الهيئة العامة للكتاب والهيئة العامة لقصور الثقافة عن الراحل، وإدراج احتفالية خاصة بالدكتور ثروت عكاشة ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب خلال شهر يونيو، بالإضافة إلى تنظيم مؤتمر بالمركز القومي للترجمة في أكتوبر 2021 لمناقشة ما ترجمه الراحل ثروت عكاشة من أعمال، وسيتم نشر المشاركات النقدية والبحثية في كتاب تذكاري عن المؤتمر.
كما ستعقد مجموعة من الندوات المتنوعة على مدار العام التي تتناول سيرة الدكتور ثروت عكاشة من أهمها (ثروت عكاشة بين الثقافة والسياسة- دور ثروت عكاشة في إنقاذ معبد أبو سمبل- مؤسسات وزارة الثقافة التي أنشأها ثروت عكاشة وغيرها من الندوات التي تعقد في المجلس الأعلى للثقافة ومختلف قصور الثقافة بالمحافظات)، كما ستنظم احتفالية كبرى في أكاديمية الفنون لجيل كبار العازفين والفنانين الذين عاصروا فترة الدكتور ثروت عكاشة، واحتفالية كبرى تقام في معبد أبو سمبل خلال شهر سبتمبر 2021، بالتعاون مع عدد من الوزارات والهيئات.
ويقوم صندوق التنمية الثقافية بتقديم فيلم وثائقي للفنان حسين بيكار يدور حول توثيق نقل معبد أبو سمبل في أبريل 2021، واحتفالية كبرى ينظمها قطاع الإنتاج الثقافي تقام في مسرح البالون.
كما تقدم وزارة الثقافة بالتعاون مع مؤسسة (الشروق) برئاسة إبراهيم المعلم سلسلة حلقات بعنوان (عين تسمع.. وأذن ترى) بصوت الدكتور ثروت عكاشة، والتي تنقسم إلى ثلاثة أجزاء الأول يتناول نشأته وبداياته كأحد الضباط الأحرار، ويستعرض فترة قيام ثورة 1952، والجزء الثاني يدور حول بداية توليه منصب سفير مصر في إيطاليا ثم قرار الرئيس جمال عبد الناصر بتعيين الدكتور ثروت عكاشة وزيراً للثقافة، ويستعرض أهم إنجازته خلال هذه الفترة وإنشاء أكاديمية الفنون والمعاهد الآخرى، أما الجزء الثالث يتضمن مؤلفاته وأهم ترجماته.
جدير بالذكر أن الراحل الدكتور ثروت عكاشة أحد الضباط الأحرار في ثورة يوليو 1952، تولى مسئولية وزارة الثقافة مرتين في الفترة من 7 أكتوبر 1958 حتى 27 سبتمبر 1962 ومن 10 سبتمبر 1966 حتى 18 نوفمبر 1970، مواليد القاهرة عام 1921، حاصل على بكالوريوس العلوم العسكرية من الكلية الحربية عام 1939- ماجستير في الصحافة عام1951- دكتوراة في الآداب من جامعة السوربون الفرنسية عام 1960، تقلد العديد من المناصب الهامة التي وضع من خلالها بصمته الخالدة في مجال الثقافة والفنون منها رئيس المجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية (المجلس الأعلى للثقافة حاليا) ومساعد رئيس الجمهورية للشئون الثقافية.
كما انتخب رئيسا للجنة الثقافة الاستشارية بمعهد العالم العربي بباريس، وشغل عدة مناصب عقب ثورة يوليو 1952 منها ملحق عسكري بالسفارة المصرية في بون، ثم تنقل في العواصم الأوروبية، فكان ملحقًا عسكريًا في باريس ومدريد من 1953 إلى 1956، وسفيرا لمصر في روما من عام 1957 وحتى 1958، بالإضافة إلى عضوية المجلس التنفيذي لمنظمة (اليونسكو) بباريس من 1962 إلى 1970، وعضو مجلس الأمة من 1964 إلى 1966، ونائب رئيس اللجنة الدولية لإنقاذ مدينة البندقية من1967 إلى1977، ومساعد رئيس الجمهورية للشئون الثقافية من 1970 حتى 1972.
وانتخب زميلاً مراسلا بالأكاديمية البريطانية الملكية في 1975، ورئيساً للجنة الثقافة الاستشارية بمعهد العالم العربي بباريس من 1990 حتى 1993، وعضوا عاملاً في المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية 1994، وحظي بالعديد من مظاهر التقدير، وحاز العديد من الجوائز المحلية والعالمية منها وسام الفنون والآداب الفرنسي عام 1965م، ووسام اللجيون دونير «ووسام جوقة الشرف» الفرنسي بدرجة كوماندور عام 1968م، والميدالية الفضية لليونسكو تتويجاً لإنقاذ معبدي أبوسمبل وآثار النوبة، والميدالية الذهبية لليونسكو لجهوده من أجل إنقاذ معابد فيلة وآثار النوبة عام 1970م، ودرجة الدكتوراة الفخرية في العلوم الإنسانية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 1995م، وجائزة الدولة التقديرية في الفنون عام 1987، وجائزة مبارك في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة عام 2002.
كما أن له العديد من الكتب والموسوعات الفنية تقترب من 45 كتابًا مترجمًا تعكس اهتمامه وعشقه للثقافة والفنون في شتى أشكالها وصورها من أشهرها ترجمة للشاعر جبران خليل جبران، وأعمال الروماني أوفيد، ويعد كتاب «مذكراتي في السياسة والثقافة»، وأيضًا مجموعة كتب «العين تسمع والأذن ترى» بأجزائها المختلفة، والتي تعبر عن الفنون في عصورها المختلفة بمثابة موسوعة فنية متكاملة والفن والحياة وإعصار من الشرق والقيم الجمالية في العمارة الإسلامية، وتوفي في 27 فبراير عام 2012 عن عمر ناهز 91 عاماً.