علي حميدة.. مات مطرب «لولاكي» وهو متربع على عرش «الأعلى مبيعًا» في سوق الأغنية
4 دقائق و49 ثانية فقط، هي زمن أغنية «لولاكي» التي تسببت في خضة لجميع المطربين وكتاب الأغاني والملحنين والموزعين العرب دون استثناء، بمن فيهم مطرب ومؤلف وملحن وموزع الأغنية نفسها.
في 11 يوليو عام 1988، تم طرح ألبوم «لولاكي» لمطرب مغمور من مطروح، لم يكن يعرفه أحد من قبل، إلا أنه أصبح بعد مرور ساعات معدودة الأشهر على الإطلاق في الوطن العربي، حيث تدافع الجمهور لشراء «الشريط»، وتشغيل لولاكي في البيوت، والمحلات، والكافيهات، والسيارات، وأكشاك السجائر، والجلسات الخاصة، والأفراح، لا يمل الشباب من تكرار سماعها على مدار اليوم.
40 مليون شخص قاموا بشراء الألبوم الأصلي، وغيرهم عشرات الملايين ممن اقتنوا النسخ «المضروبة» ليظل علي حميدة بالأرقام على عرش التوزيع، رغم مرور 32 عامًا على صدور مجموعته الغنائية الأولى.
وإذا كان البعض يتهم الحظ بأنه السبب في انتشار الأغنية، فإن هناك من يشير إلى امتلاك علي حميدة لحنجرة بدوية ممغنطة، تتعامل مع دقات القلوب على أنها صادرة من طبلة، وتصاحب الروح بتلك اللكنة الجبلية النقية.
أما استعانته بالفولكلور البدوي الذي يجهله الكثيرون، فقد جعله يقف في الكفة الأخرى من الميزان الذي يشغل كفته الأولى محمد منير بأغانيه التي يستمدها من الأجواء النوبية، وكانت السبب في اختلافه واستمراره في مقدمة الصفوف.
ظهر علي حميدة في وقت أعلنت فيه الموسيقى العربية تمردها على القديم، ورغبتها في التجديد على يد حميد الشاعري الآتي من الصحراء الليبية بأبسط مشروع موسيقي، لكنه – ويا للعجب- تمكن من امتلاك الساحة الغنائية في مصر، ليقود الحناجر إلى المجد، ويصنع أسطورته الخاصة، رغم توقف مصنع الأساطير منذ زمن بليغ حمدي.
فتحت لولاكي بوابات الحظ لجيل كامل من المطربين - بمن فيهم عمرو دياب - لينطلقوا بفنهم إلى السماء، ويصبحون نجوما، في الوقت الذي كانت وبالا على صاحبها، وتسببت في ملاحقته من قبل مصلحة الضرائب، ليبيع ما يملكه من أجل تسديد ديون شهرته.
رفعت لولاكي علي حميدة إلى السماء، لكنها أيضا سجنته بداخلها، ورغم تقديمه للعديد من الألبومات التي احتوت على عشرات الأغنيات إلا أن الجمهور تمت برمجته على لولاكي، وكلما ذهب حميدة ليحيي فرحا، أو حفله يطالبه الناس بأن يغنيها، وحين ينتهي منها، يطالبونه بإعادتها مرة ثانية وثالثة وعاشرة.
حتى حين اتجه إلى السينما ليجرب حظه كممثل، فإن السبب في إنتاج أفلامه كان استثمار نجاح لولاكي، لتدر المال على شباك السينما كما فعلت مع شركات «الكاسيت».
يعرف جيل الثمانينات والتسعينات تأثير علي حميدة، خاصة عندما يعودون إلى ذكرياتهم القديمة، ويستمعون من جديد إلى لولاكي، ويرددونها معه وهم يصفقون ويلوحون بأياديهم كما كانوا يفعلون في الماضي.