الإنترنت السيادي.. لماذا تشن روسيا حربا إلكترونية على «تيك توك و يوتيوب»؟
يتعايش عالمان متوازيان في روسيا هما الإعلام التقليدي خاصة التلفزيون الذي يسيطر عليه الكرملين، وشبكة الإنترنت المليئة بالمواقع الناقدة للحكومة التي تسعى بدورها إلى احتواء أو حتى استبدال المنصات التي تعتبر خطيرة.
وأصبحت منصة يوتيوب المصدر الرئيس للأخبار لعدد كبير من الشبان الروس. وباتت فيديوهات نجم الويب” يوري داد“ المعروف بلقاءاته مع شخصيات معروفة أو تلك التي ينشرها المعارض أليكسي نافالني تحقق المزيد من الرواج.
وفور توقيف نافالني نشر فريقه تحقيقا لمدة ساعتين عن قصر فخم يطل على البحر الأسود يعتقد أنه للرئيس فلاديمير بوتين. وحظي الفيديو بأكثر من 65 مليون مشاهدة على يوتيوب منذ نشره الثلاثاء.
وعمدت السلطات الروسية في السنوات الأخيرة إلى تشديد القيود على” رونيت“الشبكة الروسية من الإنترنت، باسم محاربة التطرف والإرهاب وحماية القاصرين.
وفي 2019 صادقت روسيا على قانون لتطوير” الإنترنت السيادي“بهدف عزل رونيت عن الشبكة العالمية، في خطوة يخشى نشطاء من أنها ستعزز قبضة الحكومة على الفضاء الإلكتروني وتخنق حرية التعبير.
غرامات وإخفاقات
وردت سلطة الاتصالات الروسية” روسكوماندزور“هذا الأسبوع على موجة من الدعوات لتنظيم تظاهرات دعما لنافالني، بتهديد شبكات التواصل الاجتماعي بغرامات إذا لم تحذف محتوى يحرض القاصرين على المشاركة في الاحتجاجات.
وعشية التظاهرات، قالت روسكوماندزور؛ إن” تيك توك حذفت 38 بالمئة من المعلومات التي تحرض القاصرين على أفعال غير قانونية خطيرة“، مضيفة أن شبكات اجتماعية أخرى من بينها إنستغرام ويوتيوب حذفت محتوى بناء على طلبها، غير أن فيسبوك قالت إنها لم تحذف أي من المعلومات المذكورة.
وقال متحدث باسم فيسبوك:” تلقينا طلبات من الهيئة الناظمة المحلية للحد من الوصول إلى محتوى معين يدعو للاحتجاج“، وأضاف” بما أن هذا المحتوى لا ينتهك معايير مجتمعنا، فإنه يبقى على منصتنا“.
والمنصات التي لا تمتثل يمكن أن تواجه غرامات تصل إلى 4 ملايين روبل (نحو 53 ألف دولار أو 43 ألف يورو) بحسب” روسكوماندزور“.
وسبق أن حظرت روسيا عددا من المواقع الإلكترونية التي رفضت التعاون مع السلطات مثل منصة الفيديوهات” ديلي موشن“ وشبكة التواصل المهني” لينكد إن“، لكن حظر يوتيوب المملوك من عملاق التكنولوجيا غوغل، سيكون مهمة أكثر صعوبة.
وقال رئيس منظمة” روسكومسفوبودا“غير الحكومية للحقوق الرقمية” ارتيوم كوزليوك“، إن” روسكوماندزور ليس لديها الكثير من الأموال“؛ مضيفا” ليس لديهم عمليا أي نفوذ“، وأضاف إنه كان من الصعب ممارسة ضغط على شبكات التواصل الاجتماعي الغربية لأن ذلك من شأنه أن” يسدد ضربة لسمعتها“ في حال قدمت تنازلات لنظام سياسي.
منافسون محليون
في حالة” تيك توك“قد تكون الإجراءات نظرا لقرب الكرملين من الصين، المتمرسة في فرض رقابة على الإنترنت، لكن موسكو لا تزال تنقصها المعرفة في هذه الشبكة الاجتماعية الرائجة.
وأعلنت شبكة آر-تي الممولة من الكرملين (روسيا اليوم سابقا) الأربعاء، عن تقديم دروس لمسؤولين كي يفهموا الكلمات العامية التي يستخدمها الشبان على مواقع مثل” تيك توك“.
والعام الماضي، أقرت روسيا بالإخفاق في حظر منصة تلغرام للرسائل المشفرة بعد أشهر من محاولات باءت بالفشل، وتسعى السلطات بدلا من ذلك لبناء منصة منافسة محلية مثل” روتيوب“ـ المملوكة من مجموعة الإعلام الروسية غازبروم ميديا التي يسيطر عليها عملاق الطاقة غازبروم ـ وهي منصة فيديو تنشر حاليا فقط محتوى يحظى بموافقة الحكومة، حتى الآن لا يمكن مقارنة الموقع بيوتيوب.
ولكن المدير التنفيذي لغازبروم ميديا” ألكسندر زهاروف“، المدير السابق لروسكوماندزور، أكد أنه في العامين المقبلين سيتم إطلاق نسخة محسنة من روتيوب، كما أعلن عن تطوير” تيك توك روسي“بمساعدة إينوبراكتيكا المؤسسة التي تديرها كاتيرينا تيخونوفا، التي يعتقد أنها إحدى بنات بوتين.
وقال كوزليوك إنه بعد أكثر من 20 عاما من خدمة الإنترنت المجانية فإن هذه الجهود تأتي متأخرة، وأضاف بأن السلطات” أضاعت فرصتها“.