مصر وأفريقيا 2020.. تعاون مستمر ودور ريادي للقاهرة في القارة
حرصت وزارة الخارجية خلال عام 2020 على استكمال جهود الدولة المصرية لتعزيز التعاون مع الأشقاء الأفارقة سواء على المستوى الثنائي أو عبر الآليات المختلفة للاتحاد الأفريقي والمنظمات والتجمعات الأفريقية الأخرى، والتأكيد على الدور الريادي لمصر في القارة.
وتصدر ملف الحفاظ على مصالح مصر المائية، جهود وزارة الخارجية خلال عام 2020 بالتنسيق مع الجهات الوطنية المعنية، ولا سيما فيما يتعلق بزيادة الوعي الدولي بالوضع المائي المصري والتحديات التي تواجه مصر في هذا المجال، بما في ذلك عرض الموقف المصري من ملف سد النهضة الإثيوبي والاستمرار في التواصل مع الفاعلين الدوليين والانخراط لدفع المسار التفاوضي بهدف الوصول إلى حل عادل ومتوازن يحقق مصالح كل من مصر وأثيوبيا والسودان.
وفي الملف الاقتصادي، قدمت مصر الدعم للقطاع الخاص المصري للنفاذ إلى الأسواق الأفريقية، وهو الأمر الذي انعكس من خلال حجم الزيارات المتبادلة واللقاءات رفيعة المستوى التي تمت خلال عام 2020 بين مصر والدول الأفريقية على مستوى القمة، ومختلف المستويات الأخرى.
وفي هذا الإطار، ساهمت وزارة الخارجية في الإعداد لزيارات الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى بعض الدول الأفريقية، وكذا استقباله لعدد من كبار المسئولين الأفارقة، والتي شملت لقاءات مع كل من رئيس الكونغو الديمقراطية، ورئيس وزراء موريشيوس على هامش أعمال قمة "بريطانيا أفريقيا للاستثمار 2020"، حيث تم التباحث خلالها حول سبل تعزيز التعاون البيني في المجالات المختلفة؛ وزيارة رئيس الجمهورية إلى جوبا في نوفمبر 2020، حيث تناولت الزيارة مختلف الملفات المتعلقة بالتعاون المشترك وسبل تعزيز العلاقات الثنائية وتنسيق المواقف السياسية بين البلدين؛ بالإضافة إلى استقبال الرئيس لنظيره الإريتري في يوليو 2020، والرئيس الكيني في أكتوبر 2020، كما استقبل الرئيس وفدًا رفيع المستوى من الكونغو الديمقراطية في نوفمبر 2020 برئاسة المستشار الخاص لرئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية.
كما شاركت الخارجية في تنظيم استقبال السيد رئيس الجمهورية وزير خارجية زامبيا كمبعوث رئاسي من الرئيس الزامبي في نوفمبر 2020، واضطلعت وزارة الخارجية بمهام الترتيب لزيارة رئيس الجمعية الوطنية الكيني إلى مصر في يناير 2020، حيث التقى كلًا من رئيس مجلس النواب المصري، ورئيس مجلس الوزراء، ونائب وزير الخارجية للشئون الأفريقية.
وفي السياق ذاته استقبل وزير الخارجية لكل من وزير الخارجية الإريتري والمستشار السياسي للرئيس الإريتري، وكذا لقاء مع وزيرة الخارجية الكينية خلال مشاركته في اجتماعات الدورة العادية للمجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي المنعقدة بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا في فبراير 2020.
كما استقبل نائب وزير الخارجية للشئون الأفريقية نظيره الليبيري في القاهرة خلال شهر أكتوبر 2020، وهي الزيارة التي أسهمت في تنسيق المزيد من الجهود لتعزيز العلاقات الثنائية، كما تم استقبال وزير خارجية الصومال وعدد من كبار المسئولين الأفارقة أثناء زياراتهم إلى مصر خلال عام 2020، بهدف تعزيز العلاقات الثنائية والتشاور لتحقيق المصالح المشتركة واستعادة الاستقرار للمنطقة.
وقام مساعد وزير الخارجية للشئون الأفريقية بزيارة إلى الصومال وجيبوتي حاملاً رسالة من رئيس الجمهورية إلى نظراء تلك الدول، وكذا تم التباحث حول سبل تعزيز العلاقات البينية، كما قام مساعد وزير الخارجية للشئون الأفريقية بجولة في ديسمبر 2020 شملت جيبوتي وكينيا والصومال لتبادل الرؤى مع كبار المسئولين حول تطورات الأوضاع في المنطقة وبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية، كما شارك في منتدى شركاء الصومال في العاصمة مقديشيو لتؤكد مصر على دعمها لأمن الصومال ووحدة أراضيه وتقديمها كل الدعم للصومال الشقيق.
وخلال العام، تعددت الزيارات الثنائية المتبادلة بين مصر وجنوب السودان، وذلك في إطار الحرص على مد جسور التعاون المشترك، حيث ساهمت وزارة الخارجية في الإعداد الموضوعي لعدد من هذه الزيارات، والتي كان من أبرزها؛ زيارة كل من وزيرة الصحة ووزير الموارد المائية والري إلى جنوب السودان في أغسطس وسبتمبر 2020 على التوالي، فضلاً عن قيام مساعد وزير الخارجية مدير إدارة السودان وجنوب السودان بزيارة جوبا في نوفمبر 2020، كما حرصت مصر على الاستجابة لإعلان رئيس جنوب السودان "سلفا كير" حالة الطوارئ لمواجهة الفيضانات في بلاده عبر إرسال جسر جوي لنقل مساعدات إنسانية لجنوب السودان.
كما تم عقد جولة مشاورات سياسية بين مصر والسعودية في ديسمبر 2020، حيث تباحث الجانبان، ضمن موضوعات أخرى، حول تنسيق المواقف بين البلدين إزاء القضايا الأفريقية محل الاهتمام المشترك.
واقتصاديًا، اضطلعت وزارة الخارجية بتنظيم زيارة لوزير قطاع الأعمال العام على رأس وفد رفيع المستوى إلى كل من الجابون والكاميرون، كما قامت الوزارة كذلك بالتنسيق والإعداد لزيارة وفد مصري رفيع المستوى برئاسة وزير الإسكان لمشروع إنشاء سد ومحطة "جوليوس نيريري" لتوليد الطاقة الكهرومائية بتنزانيا، والجاري تنفيذه بواسطة تحالف شركتي المقاولون العرب والسويدي إلكتريك، فضلًا عن القيام بزيارة أخرى لتفقد تنفيذ الأعمال بالمشروع، والاحتفال بتحويل مجرى نهر روفيجيلاستكمال وتنفيذ جسم السد الرئيسي بالمشروع.
واستمرت الوزارة في دفع القطاع الخاص المصري للانخراط بإيجابية في القارة الأفريقية، حيث نظمت وزارة الخارجية زيارة وفد رفيع المستوى من الكونغو الديمقراطية إلى مصر برئاسة مستشاري رئيس الجمهورية الكونجولي لشئون البنية التحتية وللشئون القانونية، حيث التقى الوفد بالمسؤولين المصريين، وأسفرت الزيارة عن توقيع ثلاث مذكرات تفاهم مع ممثلي شركات القطاع الخاص المصرية.
وقدمت وزارة الخارجية كذلك الدعم لتحالف مجموعة من شركات القطاع الخاص المصرية للنفاذ إلى غينيا كوناكري، والمشاركة في المناقصات التي تطرحها الحكومة الغينية في إطار استعدادها لتنظيم بطولة كأس الأمم الأفريقية، كما تم تقديم الدعم لتحالف مجموعة من شركات القطاع الخاص المصرية للاستثمار في مدغشقر، حيث أسفرت عن الاتفاق على إنشاء مشروعات في مجال البنية التحتية وإنشاء مصنع للدواء ومحطة طاقة شمسية.
ونظمت الخارجية زيارة لممثلي هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة والشركة العربية للطاقة المتجددة والمكتب الاستشاري "صبور" وشركة المقاولون العرب إلى جيبوتي في فبراير 2020 لتفقد المواقع المتاحة لإنشاء محطة للطاقة الشمسية هناك، وبحث التعاون في مجال الإسكان والسياحة، فضلًا عن تنظيم زيارة رئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية للثروة السمكية إلى تنزانيا خلال شهر مارس 2020.
وحظيت منطقة الساحل والصحراء ووسط أفريقيا أيضًا باهتمام خاص في السياسة الخارجية المصرية، حيث تكثفت التفاعلات مع دول الساحل بترتيب زيارات رفيعة المستوى لمختلف المسئولين لدول الساحل الخمس، مالي والنيجر وتشاد وموريتانيا وبوركينا فاسو، وذلك لدعم جهودها في مكافحة الإرهاب، كما شاركت وزارة الخارجية في تنسيق الجهود الوطنية لتوقيع مذكرة تفاهم في مجال البترول والطاقة والثروة المعدنية بين وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية ونظيرتها الصومالية في فبراير 2020.
وجاءت جائحة كورونا المستجدة لتؤكد على تضامن مصر مع أشقائها الأفارقة، حيث قامت وزارة الخارجية بالتنسيق مع الجهات المصرية لتقديم المساعدات الطبية والمستلزمات الوقائية للأشقاء في القارة الأفريقية والتي شملت أكثر من 30 دولة أفريقية لمساعدتهم في مجابهة انتشار الفيروس.
وفيما يخص علاقات مصر مع الاتحاد الأفريقي والمنظمات والتجمعات الأفريقية.. قامت وزارة الخارجية خلال العام 2020 بالإعداد الموضوعي والمشاركة في العديد من الفاعليات المنضوية تحت الاتحاد الأفريقي، ومختلف المنظمات الأفريقية، بهدف تعزيز أُطر التعاون متعدد الأطراف بين الدول الأفريقية، بما في ذلك مشاركة رئيس الجمهورية في اجتماعات هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي على المستوى الرئاسي لبحث تداعيات تفشي جائحة كورونا وسبل مكافحتها على الصعيد الأفريقي، وكذا القمة الاستثنائية "لتعزيز التضامن الصيني الأفريقي في مكافحة جائحة كورونا"، اجتماعات المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي يومي 6 و7 فبراير 2020 بأديس أبابا، وكذا القمة الثالثة والثلاثين للاتحاد الأفريقي يومي 9 و10 فبراير 2020، والقمة السابعة والثلاثين للجنة توجيه رؤساء الدول والحكومات أعضاء وكالة الاتحاد الأفريقي للتنمية/ النيباد يوم 8 فبراير 2020 بأديس أبابا، والقمة التاسعة والعشرون لمنتدى الآلية الأفريقية لمراجعة النظراء يوم 8 فبراير 2020 بأديس أبابا، والتي شهدت استعراض تقرير المراجعة الطوعية الخاص بمصر حول حقوق الإنسان والديمقراطية والحكم الرشيد.
كما شاركت مصر في اجتماع هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي على المستوى الرئاسي، لمناقشة تداعيات تفشي جائحة كورونا يوم 26 مارس 202، واجتماعات القمة التنسيقية الثانية بين الاتحاد الأفريقي والتجمعات الاقتصادية الإقليمية، والتي عقدت يوم 22 أكتوبر 2020، وكذا اجتماعات المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي يومي 14 و15 أكتوبر 2020، والتي سبقت عقد القمة، ولجنة الاتحاد الأفريقي الفنية المتخصصة للدفاع والسلامة والأمن، وذلك على مستوى وزراء الدفاع ورؤساء الأركان والخبراء خلال الفترة (2-5) نوفمبر 2020. والإعداد الموضوعي والمشاركة في الاجتماع الحادي والأربعين للمجلس الوزاري لتجمع الكوميسا، والذي عُقِد افتراضياً يوم 26 نوفمبر 2020.
وشاركت الخارجية في تنظيم مشاركة مصر باجتماعات قمة الاتحاد الأفريقي الاستثنائية حول اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية يوم 5 ديسمبر 2020، والقمة الاستثنائية حول مبادرة الاتحاد الأفريقي لإسكات البنادق يوم 6 ديسمبر 2020، واجتماعات المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي يوم 2 ديسمبر 2020، والتي سبقت عقد القمة.
وشارك وزير الخارجية في الاجتماع الافتراضي لوزراء خارجية ترويكا الاتحاد الأفريقي ووزير خارجية روسيا الاتحادية والذي عقد في 8 يوليو 2020، والذي يأتي كاجتماع متابعة وزاري لمنتدى وقمة روسيا- أفريقيا اللذين عُقِدا للمرة الأولى يومي 23 و24 أكتوبر 2019.
وشارك مساعد وزير الخارجية مدير إدارة المنظمات والتجمعات الأفريقية في كل من لجنة تسيير وكالة الاتحاد الأفريقي للتنمية/ النيباد – ممثلة عن رئيس الجمهورية- يومي 16 و17 يناير 2020 بجنوب أفريقيا، ولجنتي الاتصال والتسيير للآلية الأفريقية لمراجعة النظراء يوم 19 يناير 2020 في بوتسوانا.
وفي إطار الحرص من جانب القاهرة على العلاقات مع الاتحاد الأفريقي، شارك مساعد وزير الخارجية مدير إدارة المنظمات والتجمعات الأفريقية في اجتماع لجنة الشئون الأفريقية بمجلس النواب يوم 3 مايو 2020، لمناقشة اتفاقية استضافة مصر لمقر مركز الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات، وكذا المعاهدة المنقحة المنشِئة لتجمع الساحل والصحراء، حيث صدق مجلس النواب على الاتفاقية والمعاهدة يوم 18 مايو 2020.
كما ساهمت الخارجية في تنسيق الجهود مع مختلف الجهات الوطنية لتنفيذ تعهد السيد رئيس الجمهورية خلال اجتماع هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي في 26 مارس 2020 بالمساهمة بمبلغ 4 ملايين دولار للصندوق الأفريقي للاستجابة لكوفيد -19، حيث سددت مصر مساهمتها على شكل مساعدات عينية لـ30 دولة أفريقية على دفعتين، وذلك بالتنسيق مع الهيئة المصرية للشراء الموحد والإمداد والتموين الطبي وإدارة التكنولوجيا الطبية ووزارتي المالية والطيران المدني.
وشاركت الوزارة في اجتماعات كبار المسئولين للحدث الإنساني من أجل دعم دول وسط الساحل، والذي نظمته كل من ألمانيا والدنمارك والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة (مفوضية الأمم المتحدة للاجئين UNHCR، ومكتب منسق الشئون الإنسانية OCHA) يوم 8 سبتمبر 2020، وكذلك المشاركة في اجتماع كبار مسئولي دول الائتلاف من أجل الساحل، والذي عقد يوم 8 أكتوبر 2020.
ومن جانب آخر، شهد عام 2020 محطات عديدة انخرطت فيها الدولة المصرية في ملف سد النهضة على نحو يعكس ما توليه لهذا الملف الحيوي من اهتمام بالغ باعتبارها قضية وجودية للشعب المصري وبهدف ضمان الحفاظ على مصالح مصر وحقوقها المائية.
وفي مستهل العام، شاركت مصر من خلال وزارتي الخارجية والموارد المائية والري وأجهزة الدولة المعنية في العديد من الجولات التفاوضية التي أجريت بين مصر والسودان وإثيوبيا برعاية الولايات المتحدة الأمريكية وبمشاركة البنك الدولي، بهدف التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، وهي المفاوضات التي أفضت إلى بلورة اتفاق متكامل حول سد النهضة قامت مصر بتوقيعه بالأحرف الأولى في 28 فبراير 2020.
ونظرًا لرفض إثيوبيا لهذا الاتفاق الذي كان بمثابة فرصة تاريخية لتدشين حقبة جديدة من التعاون والتكامل بين دول حوض النيل الشرقي، وعلى ضوء إصرار إثيوبيا على البدء في ملء خزان سد النهضة بشكل أُحادي، فقد تحركت الدبلوماسية المصرية بفاعلية على الصعيد الدولي من أجل الحفاظ على حقوق مصر ومصالحها المائية، وهي التحركات التي أسفرت عن إحالة ملف سد النهضة إلى مجلس الأمن بالأمم المتحدة، حيث عقد جلسة بتاريخ 29 يونيو 2020 لمناقشة هذه القضية التي ترتبط بمستقبل ومصير أكثر من 250 مليون مواطن في مصر والسودان وإثيوبيا وتؤثر على الأمن والسلم والاستقرار في منطقة شرق أفريقيا برمتها.
وتعد جلسة مجلس الأمن التي عقدت بدعوة من مصر سابقة تاريخية لكونها المرة الأولى الذي يناقش فيها مجلس الأمن مسألة ذات صلة باستخدام واستغلال الموارد المائية والأنهار العابرة للحدود، حيث أكدت مصر خلال هذه الجلسة على عدالة قضيتها وأوضحت أنها سعت على مدار عقد كامل إلى التوصل لاتفاق عادل يضمن لإثيوبيا حقها في التنمية ويحفظ مصر والسودان من الأضرار المترتبة على ملء وتشغيل سد النهضة، مشددةً على أنها لن تتردد عن الدفاع عن مقدرات الشعب المصري ومصيره الذي يرتبط بعروة وثقى بمياه النيل التي تعد المصدر الأوحد للحياة لأكثر من مائة مليون مصري.
وقد تلى جلسة مجلس الأمن إطلاق المفاوضات الجارية برعاية الاتحاد الأفريقي، وهي المفاوضات التي انخرطت فيها مصر إيماناً منها بالعمل الأفريقي المشترك وسعياً لتسوية هذه القضية في إطار البيت الأفريقي.
ومن هذا المنطلق حرصت الدول المصرية على المشاركة في كافة جولات التفاوض التي عقدت برئاسة جنوب أفريقيا بوصفها الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، سواء تلك التي عقدت على مستوى الخبراء أو على المستوى الوزاري أو القمة، وذلك أملاً في التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل السد.
وبالتوازي مع هذه الجهود، حرصت الدولة المصرية طيلة عام 2020 على بذل جهود حثيثة لاطلاع العديد من دول العالم على التطورات الخاصة بمفاوضات سد النهضة مع توضيح موقفها في هذا الملف والذي يقوم على أهمية استغلال موارد نهر النيل وفق قواعد القانون الدولي، وبما يحفظ حقوق مصر في مياه النيل.
وقد تجلت هذه الجهود في قيام وزير الخارجية بزيارة العديد من الدول العربية والأفريقية والأوروبية خلال شهري مارس وأبريل 2020 حاملاً رسائل من رئيس الجمهورية إلى نظرائه من زعماء وقادة هذه الدول، كما كثفت مصر من تحركاتها في إطار محيطها العربي حرصًا على إطلاع الدول العربية الشقيقة على حقيقة موقف المفاوضات وما تواجهه من صعوبات ارتباطاً بالتعنت الإثيوبي المستمر، حيث نجحت الدبلوماسية المصرية في استصدار قرارين من مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في 4 مارس و23 يونيو 2020 أكدا على تضامن الدول العربية مع حقوق مصر المائية.
ولم تكن القاهرة بغافلة عن ضرورة التواصل مع الرأي العام في العديد من الدول المؤثرة بهدف شرح أبعاد الموقف المصري ووضعية المفاوضات المتعثرة، وقد تجلى ذلك من خلال تنظيم عدد من الندوات الافتراضية webinar طيلة النصف الثاني من عام 2020 في عدد من الدول كان من بينها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وكندا والصين وفي الأمم المتحدة بمشاركة العديد من الخبراء في مجالات الموارد المائية والسدود والقانون الدولي المنظم للأنهار الدولية، حيث كان لهذه الندوات أثراً هاماً في توضيح عدالة الموقف المصري في أوساط الخبراء والباحثين الدوليين.
وفي سياق آخر، شهد العام الجاري تحركات مُكثفة للدولة المصرية مثّلت نقطة تحول فارقة في مسار الأزمة الليبية، وذلك عبر "إعلان القاهرة" الذي أعاد لُحمة معسكر الشرق الليبي، وكان بمثابة دعوة صريحة للتمسك بالحل السياسي للأزمة ووقف العمليات والتصعيد العسكري، وهو ما أكد عليه رئيس الجمهورية خلال خطابه في قاعدة "سيدي براني" العسكرية يوم 20/6/2020 الذي تضمن تحديد الخط الأحمر المصري (سرت/الجفرة) داخل ليبيا، الأمر الذي أعقبه قيام مصر بتكثيف الاتصالات والاجتماعات مع كافة الأطراف الإقليمية والدولية المعنية للبناء على المساعي المصرية، وكذلك مع العديد من الأطراف الليبية لحثهم على العودة للمسار التفاوضي من أجل التوصل لتسوية شاملة للأزمة الليبية والتصدي لكافة أشكال التدخلات الخارجية الهدّامة بها.