معلومات تنشر لأول مرة|.. يوسف فخرالدين دخل الفن بالغلط.. وحمدي غيث قضى على حلم عودته للتمثيل
يعتبر الفنان الراحل يوسف فخر الدين أحد "جانات" السينما المصرية، فقد خطف قلوب الكثير من الفتيات في فترة الخمسينات والستينيات، وكان بالنسبة لكثير منهن "فتى الأحلام"، فهو من أكثر نجوم جيله وسامة وجذبًا للنساء، وعلى الرغم من دخوله عالم الفن بالصدفة إلا أنه شارك في الكثير من الأعمال، والقدر كان سببًا في الابتعاد، وقد حل أمس الأحد ذكرى وفاته 18.
كان الفنان يوسف فخر الدين، واحدًا من أشهر نجوم جيله على الرغم من أنه لم يكن نجم شباك، ولم يقدم في مسيرته أدوار بطولة، ولعبت وسامته دورًا كبيرًا في مسيرته الفنية التي بدأها بالصدفة عن طريق شقيقته الفنانة مريم فخر الدين، التي اكتشفت مواهبه الفنية فأشركته معها في أفلامها حتى صار محترفًا للتمثيل، وكانت أيضًا حياته مليئة بالكواليس والأسرار التي نذيح الستار عنها في "مستقبل وطن نيوز" خصوصًا رحلته الطويلة إلى اليونان وزوجته الفنانة الراحلة نادية سيف النصر.
كيف بدأت حكاية يوسف فخر الدين؟
في يناير 1935 ولد يوسف محمد فخر الدين، بحي مصر الجديدة، لأب مصري مسلم وأم مجرية مسيحية، قرر ألا يستكمل دراسته في المرحلة الجامعية، بعد أن اكتشفت شقيقته الفنانة مريم فخر الدين موهبته الفنية وقدمته في فيلمها "رحلة غرامية" وحقق نجاحًا كبيرًا، لتشاركه معها أيضًا في فيلم "أنا وقلبي"، ليبدأ شق طريقه في عالم الفن، وكان أول أجر يتقاضاه في فيلم يشارك به بعيدًا عن شقيقته "مائة جنيه".
قدم "فخر الدين" خلال مسيرته الفنية أكثر من 100 عمل، من بينهم: "موعد مع المجهول، من أجل امرأة، والحب كده، البنات والصيف، المراهق الكبير، والأشقياء الثلاثة، وشقاوة بنات، وحياة عازب، وبياعة الجرايد، وأول حب، وثورة البنات، والثلاثة يحبونها، والحياة حلوة، وشاطئ المرح"، وكان آخر أفلامه "القضية رقم 1" الذي طرح عام 1982.
ماذا حدث ليوسف فخر الدين بعد عام 1982؟
حتى نجاوب على هذا السؤال لابد وأن نعود بالزمن قليلًا، ونكشف عن زوجته الفنانة الراحلة نادية سيف النصر، التي كان يحبها كثيرًا، إلا أن القدر قرر أن يأخذها منه لترحل عن عالمنا إثر تعرضها لحادث ببيروت عام 1974؛ دخل بسببها يوسف في حالة اكتئاب شديدة وظل لفترة يحاول أن يخرج من هذه الحالة، ورفض وقتها الكثير من العروض السينمائية حتى قرر اعتزال التمثيل نهائيا والسفر إلى اليونان في 1987.
هبطت طائرة يوسف فخرالدين في الأراضي اليونانية، ومعها وضع خلفه كل شيء وبدأ حياته من جديد، فتزوج من يونانية، وعمل في إحدى الفنادق كموظف استقبال، وأيضا بائع في محل زوجته، ودخل مجال السياحة من خلال فندق "الميرديان"، حتى أصبح رجل أعمال كبيرًا في أثينا.
عودة "فخر الدين" لأرض الكنانة وكواليس الرحلة؟
وبعد مرور 10 أعوام، فاجئ يوسف الجميع وشقيقته مريم فخر الدين، بعودته لأراضي الوطن من جديد، باحثًا عن استكمال مسيرته الفنية التي قطعها، بحيويته ووسامته التي لم تتغير كثيرًا، اللهم إلا غزو الشعر الأبيض الذي زاده وقارًا، وقال يوسف في أول حوار أجراه بعد العودة عن عدم نزوله مصر طوال هذه المدة: "مكنش عندي اجازات ومش فاضي.. وبعدين تذكرة الطيران مش رخيصة دي كلفتني 425 دولار والأسعار مخيفة".
وفيما يخص ابتعاده عن الفن قال: "حسيت إن الجو غريب عليّ، لما كنت بشتغل زمان كنت بحس إني في وسط عيلتي، مريم أختي كانت متزوجة من محمود ذو الفقار، وفاتن حمامة من عز الدين ذو الفقار، وكان الشغل بيجي لغاية عندي"، وتابع مازحًا: "لما طلعلي شعر أبيض في راسي ومكنتش وصلت للأربعين لقيت واحدة بتقولي انت عجزت ولا إيه علشان كده مش ناقص حد يمصمص في شفايفه ويقول ده عجز وكان زمان حلو"، مشيرًا إلى أن الشعر الأبيض في أوروبا يعتبر وقارًا لصاحبه، ولكن بالبلاد العربية لا يقدر.
أما عن استغنائه عن موهبته وامتهانه مهنة جديدة بعيدة عن الفن قال: "موهبة مين.. يمكن الكلام ده في الأول.. لكن بعد كده بيتحول الفن لأكل عيش زيه زي أي شغلانة تانية.. وبعدين الحكاية مكنتش جايبه همها لأن ايامنا مكنش فيه فلوس بالفن زي دلوقتي وأنا شايف إني دخلت الفن بالغلط"، لافتًا إلى أنه طوال الـ10 سنوات التي قضاها في الخارج كان لا يتابع الفضائيات المصرية؛ لأنه كان شبعانًا من الفن المصري، وكان يتابع الفضائيات الأوروبية؛ لأنه كان يرى فيها ما يبهره.
وعن تعامل الفنانين بغرور، أكد على أنه عمره ما كان "أليط" أو مغرور، سواء كان فترة تمثيله أو فترة اعتزاله، واصفًا نفسه بأنه رجل شعبي جدًا يحب أن يتحدث مع الفقير قبل الغني، وأكثر جملة أحب سماعها هي: "الفنان الذي اعتزل الفن بهدوء".، مؤكدًا على أنه عرض عليه الكثير من الأعمال ولكنه لم يقبل ولن يعود مرة أخرى إلى التمثيل حتى ولو عرض عليه ملايين الجنيهات.
هل انتهت حكاية يوسف فخر الدين بعودته لمصر؟
الإجابة لا، فبعد عودته لمصر حاول الكثيرين مع يوسف لإعادته للتمثيل مرة أخرى، وبالفعل قرر أن يفكر في الأمر، حتى جاءته الصدمة الكبرى بخبر أنه تم حذفه من قيد نقابة المهن التمثيلية التي كان يرأسها وقتها الفنان القدير حمدي غيث، والذي قرر أيضًا عدم إعادته للنقابة نهائيًا، بحجة: "انقطاعه عن العمل لسنوات كثيرة اتجه في للعمل بالتجارة والسياحة في اليونان وتزوج من هناك، بجانب عدم تسديده رسوم النقابة طوال هذه الفترة".
بعد أن علم يوسف هذا الخبر قرر أن يلملم أشياءه ويترك أرض الكنانة من جديد، ويعود لزوجته في اليونان، ولكن تأثير الصدمة وحزنه على ما مر به جعل الشعور بالألم الشديد، يدخله المستشفى ليخرج منها على كرسي متحرك، وعلى الرغم من ذلك أصر على سفره وغادر مصر، وظل الكرسي المتحرك يصاحبه حتى رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم عام 2002، ودفن في العاصمة اليونانية أثينا.