الخارجية: مصر حريصة على الحوار البناء والتعاون مع مختلف آليات حقوق الإنسان الدولية
قال السفير الدكتور أحمد إيهاب جمال الدين، مساعد وزير الخارجية لشئون حقوق الإنسان والمسائل الإنسانية والاجتماعية الدولية وأمين عام اللجنة العليا الدائمة لحقوق الانسان، إن الحديث فى مجال حقوق الانسان مع الشركاء إنما هو طريق ذو اتجاهين لا مجال فيها لأحد أن ينصب نفسه فى موضع يحاسب الآخرين أو يعطيهم الدروس.
مؤكدا أهمية إدراك أن فهم السياق العام لجهود الدولة المصرية فى مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان يعد أمراً ضرورياً لتقييم تلك الجهود ولفهم طبيعة ونطاق التحديات ذات الصلة ومن ثم تحديد أفضل السبل لمواجهتها.
وتابع مساعد وزير الخارجية - في كلمة ألقاها أمام ندوة (حقوق الإنسان والمعايير المزدوجة) التي نظمتها مكتبة الإسكندرية اليوم /الثلاثاء/ بالقاهرة - أن تأثر الوضع الأمني فى مصر - بشكل مباشر - بالأزمات المزمنة في منطقة الشرق الأوسط التي تشهد موجات متتالية من العمليات الإرهابية وانتشار الفكر المتطرف وحروباً أهلية وكذلك موجات من التهجير والنزوح الجماعي. كما تعرضت مصر فى أعقاب ثورتى يناير 2011 ويونيو 2013 لتحديات أمنية خطيرة ولعدد كبير من العمليات الإرهابية التى تسببت فى خسائر بشرية ومادية هائلة. في ظل هذه الظروف، وبذلت مصر جهوداً كبيرة لاستعادة الأمن ولتحقيق الاستقرار من خلال تكثيف إجراءاتها لمكافحة الإرهاب. والتحدي الماثل أمامنا كغيرنا من الدول هو تحقيق التوازن بين هذه الإجراءات الضرورية من ناحية وبين حماية الحقوق والحريات السياسية والمدنية من ناحية أخرى وهو التوازن الذى نسعى إلى تحقيقه من خلال تطبيق الضمانات الدستورية والقانونية القائمة. فالارهاب يهدد حق الانسان في الحياة وبالتالي اعمال كافة الحقوق سواء كانت سياسية ومدنية أو اقتصادية واجتماعية وثقافية. ومن الطبيعى ان تسعى الدولة لتحقيق الاستقرار باعتباره اول خطوة ضرورية تسمح باعمال مختلف حقوق الانسان".
وشدد على أنه لا يمكن أن نغفل أن الاقتصاد المصري تأثر - بشكل كبير - بعدم الاستقرار السياسي والأمني الذى شهدته الدولة فى أعقاب ثورة يناير 2011 مما أدى إلى تدهور مؤشرات الاقتصاد الكلى وانعكس سلباً على مستوى إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، لذا تركزت الجهود الوطنية منذ عام 2014 على تنفيذ برنامج طموح للإصلاح الاقتصادي يهدف إلى خلق البيئة المناسبة لتحقيق النمو والتنمية المستدامة، وقد حقق هذا البرنامج نتائج إيجابية غير مسبوقة تسعى الدولة حاليا للبناء عليها في مختلف المجالات، بما في ذلك في التعليم والصحة والحماية الاجتماعية والإسكان الى جانب البنية التحتية والمشروعات القومية الكبرى، وحقوق الانسان وبناء الانسان بالطبع احد اهم هذه المجالات وفى القلب منها.
وأكد حرص مصر على الحوار البناء والتعاون مع مختلف آليات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية وكذا مع شركاء التنمية؛ لتنفيذ خططها الطموحة فى مجال حقوق الانسان، كل ما نطلبه من هذه الأطراف هو الموضوعية والمهنية وعدم الانتقائية والتسييس، وعدم الارتكان لى أى ادعاءات كاذبة او معلومات غير دقيقة.
وأضاف أن الجانب المصرى يقوم بالرد - أولا بأول - على أي مراسلات من الآليات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان أو استفسارات وهو أيضا منفتح على الحوار اود أيضا الإشارة الى انه تم بحمد الله الانتهاء من اعداد التقارير الوطنية المقدمة للغالبية العظمى من اللجان التعاقدية للاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان لكى تنتظم من العام المقبل دورية تقديم تلك التقارير. ويمثل كل ذلك ترجمة عملية للتوجه المصرى الجاد لتنفيذ التزاماتنا الدولية، ولانفتاح مصر على التواصل البناء مع مختلف الاليات الحقوقية، كما يبرهن على اننا نأخذ توصياتهم بجدية ونعتبرهم شركاء لنا فى مسيرتنا للتطوير المتواصل. وبالتالي فإنه من المطلوب ان تحرص اى آليات او اطراف دولية على الحوار البناء معنا وعلى استطلاع رأينا فيما قد يرد اليها من ادعاءات، والا تستبق ردنا، والا يتم استدراجها من قبل جهات معروفة بعدائها لمحاولة التوظيف السياسى لملف حقوق الانسان ضد الدولة المصرية.
وألمح السفير أحمد ايهاب جمال الدين - من جهة أخرى - إلى أن الأطراف الحقوقية المصرية مدعوة للحرص على ألا يتم استخدامها للاضرار والإساءة إلى الوطن أو للتدخل في شئونه، والمجال مفتوح للحوار بين الحكومة والمجتمع المدنى في اطار من المشاركة الإيجابية التي تبتغى التطوير.
وقال :"لا ندعى الكمال، وإنما نسعى اليه، ونبذل جهودا مضنية ومتواصلة لتحقيق نقلة نوعية إلى الأمام، ونعمل على مختلف الجبهات فى وقت واحد ونسابق الزمن لتعزيز البنية المؤسسية والتشريعية وتطوير الاداء على ارض الواقع. ونستند فى ذلك على الإرادة السياسية الأكيدة على أعلى مستوى فى الدولة المصرية، ورصيد مصر الدستورى والتشريعى والقضائى الكبير".
وتابع: نحن منفتحون على الاستفادة من الممارسات الفضلى وتجارب مختلف الدول، بما يساعد على مواصلة البناء على ما حققته جهودنا الوطنية.
وأشار إلى أن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وهى الأولى من نوعها، والجارى حاليا الانتهاء من بلورتها ودراستها بين جهات الدولة المختلفة، وجلسات الاستماع الموسعة الجارى عقدها مع ممثلي الأحزاب والنقابات والخبراء والمجتمع المدنى بمعناه الشامل، من شأنها أن تعطى زخما كبيرا وقوة دفع في الاتجاه الصحيح لجهود مصر في هذا المجال، وصولا لتحقيق التطوير المنشود، على أرضية وطنية، تحقق طموحاتنا جميعا".
وأكد السفير أحمد إيهاب جمال الدين - في ختام كلمته - أن "رسالتنا الأساسية للعالم وهو يحتفل هذه الأيام بالذكرى الثانية والسبعين لليوم العالمى لحقوق الانسان واضحة لا لبس فيها، تعكس ما تتمتع به مصر من إرادة سياسية أكيدة وقناعة ذاتية للارتقاء بحقوق الإنسان، ومشاركة مصر للمجتمع الدولى اهتمامه وخطواته في هذا الخصوص".
وشدد على إيمان مصر بمبادىء حقوق الإنسان، وقال "نسعى جاهدين نحو المزيد من وضعها موضع التنفيذ الفعال..ومستمرون على طريق التطوير، وطموحاتنا كبيرة ومتجددة، نضيف كل يوم لبنة جديدة فى صرح حقوق الانسان الذى نسعى لتشييده لكى يليق بمصر وشعبها".
وتقدم مساعد وزير الخارجية بالشكر لمكتبة الإسكندرية على دعوتها له للمشاركة ممثلا عن وزارة الخارجية في ندوة "حقوق الإنسان والمعايير الدولية" للحديث عن "الدبلوماسية المصرية وحقوق الإنسان".