طقس فرعوني عمره 7 آلاف عام.. قصة إحياء ذكرى الأربعين للميت
كل من ذهب للسؤال عن أربعين الميت في الدين لن يجد شيئا، ولن يصل إلى معلومة تؤكد وجود تلك العادة في الإسلام أو المسيحية، حتى المهتمين بالبحث عنها من المحيط إلى الخليج باعتبارها طقسًا عربيًا لن يعثروا عليها إلا في مصر لأن جذورها تمتد إلى العصور الفرعونية.
فقط – هنا – في مصر، مايزال الكثيرون يؤمنون بإحياء ذكرى الأربعين للميت سواء على القبر، أو في بيته دون أن يتخلف أحد من أهله ليترحموا عليه، ويطالبوا الأقارب والمعارف بالدعاء له، وهم يقدمون لهم الطعام والشراب صدقة على روحه.
خلال أيام الأربعين فإن أهل الميت من النساء لا يرتدون إلا الأسود باعتباره لون الحداد، وهي الفترة التي يمنع فيها العديد من الأشياء التي قد تسبب البهجة مثل تشغيل التلفزيون أو الاستماع إلى الأغاني، أو إقامة أي احتفالات.
لم يكن المصريون القدماء يهتمون بالحياة قدر اهتمامهم بالموت، باعتباره الحقيقة الوحيدة التي تدور حولها طقوسهم وعاداتهم، وبوصفه الطريق نحو الخلود.
كان الأجداد يؤمنون بالبعث، ومن أجله اهتموا بإنشاء المقابر برسوماتها الخلابة، وشيدوا الأهرامات العملاقة، وقدموا القرابين واحتفظوا بسر التحنيط، لإرسال المومياوات إلى الحياة الأخرى سليمة حتى إذا عادت الأرواح وجدت أصحابها.
استمرت عادة الأربعين منذ آلاف السنين، تمسكت بها الأجيال المتعاقبة على مدار مئات الأعوام، بصرف النظر عن الديانة سواء كانت إسلامية أو مسيحية.
أما دار الإفتاء فلم تحرم ذكرى الأربعين خاصة إذا اقتصرت على إطعام الطعام، وقراءة القرآن وهبة ثواب ذلك إلى الميت.
أما إن كانت الذكرى تُقام على هيئة مأتم لا يختلف عن مأتم يوم الوفاة بحيث يُعلَن عنه في الصحف، وتقام له السرادقات ويتوالى المعزون فيشكر منهم من حضر، ويلام من تخلف ولم يعتذر، وتقيم النساء بجانب ذلك مأتمًا آخر في ضحوة النهار للنحيب والبكاء وتجديد الأسى والعزاء، فهذا كله مما يُكره شرعًا؛ لما فيه من إعادة الأحزان وتكليف أهل الميت ما لا يطيقون.
ومذهب جمهور الفقهاء –وفق دار الإفتاء- أن مدة التعزية ثلاثة أيام، وأن التعزية بعدها مكروهة واستدلوا لذلك بإذن الشارع في الحداد في الثلاث فقط في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» أخرجه البخاري من حديث أم حبيبة رضي الله عنها.