الحاجة أم رضا.. خمسينية اقتحمت مهنة الرجال للوصول بأبنائها لبر الأمان

عُرفت المرأة في الصعيد الجواني، بكونها امرأة بألف رجل، لها حالة فريدة ونموذج يحتذى به تحدت كل الصعاب، ووقفت ضد الظروف لكي تمر بصغارها إلى بر الأمان بعيدا عن براثن الإهمال أو حب النفس، ضحت بحياتها من أجلهم؛ لكى تضمن لهم عيشة كريمة بعيدا عن متاهات الطرقات، التي لا ترحم ولا تحنوا على أحد، فحنان الأم ليس له بديل مهما كانت الظروف، ومواقف المرأة معروفة ومنها في الاستفتاء الدستوري وانتخابات النواب والرئاسة، ونحن أمام نموذج من سيدات الزمن الجميل.

اختارت الحاجة رضا فتحي مهنة شاقة اقتحمت بها عصر الرجال وهي قيادة السيارات؛ لتثبت للجميع أنها على قدر المسؤولية فهذه المرأة كانت في ريعان شبابها، عندما فقدت زوجها وكان من السهل أن تترك أولادها الصغار لتبحث عن زوج يحل محل زوجها؛ لكى تعيش حياة هادئة بعيدا عن المشاكل و الصعاب، ولكنها سعت إلى تربية أولادها الصغار لكى تنعم بهم في الدنيا والأخرة، فالحمل كان ثقيلا من الذى تركه له زوجها 4 بنات وولد وكلهم صغار، ولكنها عزمت صبرها على أن يكون الله في عونها على تربية أولادها.

التقى موقع «مستقبل وطن نيوز» مع الحاجة رضا؛ للتعرف على طبيعة عملها والظروف التي جعلتها ودفعتها لهذا العمل الشاق، التي لم تعتد عليه النساء. 

وقالت رضا  فتحي أحمد، 57 عامًا، تقطن منطقة الشيخ شرف الدين بحي الصوفي التابعة لمحافظة الفيوم: "إنني لست كأمهات كثيرات تلقين بأطفالهن في الشوارع دون الاهتمام بمصيرهم ولا يهمهم إلا مصالحهم الشخصية، وقد اخترت من البداية الطريق الصعب الذي يضمن الكرامة، فضحيت براحتي وأجمل أيام عمري من أجل حماية مستقبل وتربية أولادي". 

وتضيف الحاجة أم رضا: "لم الجأ إلى الحلول السهلة التي يفضلها الكثيرون الذين يمرون بظروفها، ولن انضم إلى طوابير المتسولين، بل قررت أن اقتحم مجال العمل الشاق". 

وتابعت: "عندما كنت صغيرة والدي تزوج وأمي تزوجت وخالتي قامت بتربيتي وتزوجت وأمي كانت موجودة وأنا لم أعرفها لأنها تركتني صغيرة، وكنت أعمل في صناعة الكراسي الخشب، حتى وصلت إلى سن العشرين، وبعد ذلك تزوجت وأنا في سن العشرين، وكنت أمر بظروف صعبة أنا وزوجي، وقمت بشراء عربية خشب كنت أسير عليها، وأقوم ببيع عيش فينو وبعض المأكولات، ومر زوجي بظروف صحية فقمت بشراء هذه السيارة النقل، لكى أقوم بتعليم أولادي الصغار حتى لا نمر بالظروف القاسية التي مررت".

"وبعد وفاه منذ أكثر من 13 سنة وترك 4 بنات وولد، شعرت أن الدنيا أصبحت سوداء أمامي، ولم أجد سوى هذه المهنة الصعبة والشاقة وكنت أخشى نظرة المجتمع إلى المرأة، فطرقت كل الأبواب وكان كل تفكيري هو أنني كيف أتعايش وسط مجتمع الرجال، فقمت بشراء سيارة ربع نقل لنقل البضائع بكافة أنواعها لكل الزبائن التي، أتعامل معهم لكي أتكفل بتربية أولادي وتكملة تعليمهم وحتى لا أمد يدي لأحد.

تستطرد الحاجة رضا: "في بداية شغلي الناس استغربتي جدًا وكنت بخاف من السواقين لما يضايقوني، ولما روحت أعمل رخصة وقفت في طابور كله رجالة، والكل كان مستغربني"، موجًها الشكر لكل ضباط المرور الذين ساعدوها في الحصول على الرخصة.

وأشارت إلى أنها تبدأ العمل يوميا عقب صلاة الفجر، متوجهة إلى مكان عملها وتنهي عملها في الساعة الثالثة عصرا، حيث تجوب كل محافظات وقرى الفيوم وخارجها أيضًا في محافظات الوجه القبلي كبني سويف والمنيا.

وتختتم الحاجة رضا حديثها بأنها فخورة كونها استطاعت إيصال أبنائها للجامعات المختلفة، "إيمان" بكالوريوس تكنولوجيا بالجامعة العمالية، و"سمر" معهد تجارة، و"أمل" دبلوم فني، و"أميرة" تدرس بالمجمع التكنولوجي بالسلام، و"محمد".