محافظ البحيرة ومفتي الجمهورية ورئيس جامعة دمنهور يشهدون ندوة «معًا ضد الفساد»
شهد اللواء هشام آمنة، محافظ البحيرة، الندوة التي تم تنظيمها اليوم بعنوان "معاً ضد الفساد" بقصر ثقافة دمنهور في إطار الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة للفساد بحضور الدكتور شوقي علام - مفتي الديار المصرية، والدكتور عبيد صالح - رئيس جامعة دمنهور، واللواء علاء الصباغ - رئيس فرع هيئة الرقابة الإدارية بالبحيرة.
وأكد محافظ البحيرة خلال كلمته على أن الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الفساد هو اليوم الذي قررته منظمة الأمم المتحدة لتقف فيه كل دولة أمام مرآة حقيقتها وتزن بميزان الشفافية والانصاف معدل احترامها لشعبها ولنفسها وأن الدولة العظيمة بحق المؤمنة بصدق هي التي تجعل من ذاتها رقيبا يوميا وضميرًا يقظا لا يغفل ولا ينام.
وأشار إلى أن المعلم والقائد الرئيس عبد الفتاح السيسي - رئيس الجمهورية، خير من يضرب به المثل في بث قيم الانضباط الإداري والأخلاقي والحرص على مكافحة الفساد بمعناه الأشمل والأوسع فلا ينحصر على شكل دون آخر بل إنه لا يسمح أن يدخل إلى ميادين العمل الإداري فاسد أو منحرف أو متطرف ولا يهادن أو يبقى بين أجنحة الدولة إلا كل ساع لصالح الوطن وطامح لعلياء مصر وتقدمها.
وأكد على أن الدستور المصري نص في مواده على التزام الدولة المصرية بمكافحة الفساد والتزام الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بالتنسيق فيما بينها في مكافحة الفساد وتعزيز قيم النزاهة والشفافية ضمانا لحسن أداء الوظيفة العامة.
وأشاد محافظ البحيرة بدور هيئة الرقابة الإدارية الوطنية والتي قامت بإنشاء الأكاديمية الوطنية لمكافحه الفساد للمعاونة في تحقيق الأهداف القومية في هذا المجال ونشر مفاهيم النزاهة والشفافية وبناء كوادر تؤمن بالضمير والولاء والانتماء الوطني وترغب في نهضه الوطن وتعمل على ذلك بمواقعها المختلفة.
وأشار محافظ البحيرة إلى أنه نه منذ أن أطلقت مصر استراتيجياتها الوطنية للارتقاء بمستوى أداء الجهاز الحكومي وتحسين الخدمات الجماهيرية بالإضافة إلى إرساء مبادئ الشفافية والنزاهة في كافة عناصر المنظومة الإدارية وسن وتحديث التشريعات الداعمة لمكافحه الفساد وتطوير الإجراءات القضائية لتحقيق العدالة الناجزة بالإضافة إلى دعم الجهات المعنية بمكافحه الفساد والارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطنين وتحقيق العدالة الاجتماعية ورفع مستوى الوعي الجماهيري بخطورة الفساد وأهمية مكافحته وبناء ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة وكذا تعزيز التعاون المحلي والتعاون الإقليمي والدولي في مجال مكافحة الفساد ومشاركة منظمات المجتمع المدني في مكافحة الفساد.
وأكد على أن محافظة البحيرة جزء لا يتجزأ من منظومة الدولة المصرية بعناصرها المختلفة تشرف بالتعاون مع جميع الهيئات والمؤسسات الرقابية فمنذ 1/9/2018 وقد أحيل إلى النيابة العامة 37 موضوعا قيد التحقيق وأُحيل إلى النيابة الإدارية 584 موضوعًا، أما المخالفين الذين تم توقيع الجزاء عليهم 6783 مخالفًا، ولن نتوانى عن عقاب كل مخالف وتوقيع الجزاء العادل لكل فاسد لا يتقى الله في وطنه ودينه والأمانة التي بين يديه.
وخلال كلمته أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إن انتشارَ ظاهرةِ الفساد يعودُ في جانبٍ كبيرٍ منه إلى النفس البشرية ومدى تمسكها أو تخليها عن دينها ومرجعيتها الأخلاقية؛ فكلما ضعُفَ ذلك الارتباطُ زادت فُرص انتشارِ الفساد.
وأضاف أن الفساد يحتاج إلى بيئة غير أخلاقية ينتشرُ فيها الكذب والنفاق والرياء والخيانة، وإلى نفسٍ خاويةٍ من الإيمان، لا تعرِفُ معروفًا ولا تُنكر منكرًا، ولذلك عُني الإسلامُ في المقام الأول باستهداف تلك النفس البشرية، وبتقوية دور الرقابة الذاتية والتعويل عليها قبل الاعتمادِ على أي نوعٍ آخر من أنواع الرقابة.
وأوضح أن كلَّ إنسانٍ في الإسلام يجبُ أن يكون رقيبًا على نفسه، وأن يزن أعماله في الدنيا قبل أن تُوزَن عليه يوم القيامة، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك المبدأ عمليًّا لأمته في كثيرٍ من المواقف؛ من بينها ما رُوي عنه صلى الله عليه وسلم عندما كان يتفقد جيشه فوجد جنديًّا خارجًا عن الصف؛ فوكزه صلى الله عليه وسلم ليستقيمَ في الصف؛ فلما رأى صلى الله عليه وسلم تألُّمَ الجنديِّ كشف بطنه الشريفةَ وطلب من الجندي أن يقتصَّ منه.
وأكد مفتي الديار المصرية أن فلسفةَ الإسلامِ في مكافحة ظاهرة الفساد - وأيِّ ظاهرةٍ عمومًا- تعتمدُ على علاج الأسباب المؤدية للظاهرة، لا الانشغالُ بالمظاهر والتداعيات، ولذلك سعت الشريعة بدايةً إلى تعزيز الرقابة الذاتية وتزكية النفس والروح، وتنمية الوازع الديني، ووضع الإنسان أمام مسئوليته الفردية كما قال صلى الله عليه وسلم: «الحلال بيِّن والحرام بيِّن وبينهما مشبَّهاتٌ لا يعلمها كثيرٌ من الناس؛ فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعِرضه، ومن وقع في الشُّبهات كراعٍ يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه؛ ألا وإن لكل مَلِكٍ حِمًى، ألا إن حمى الله في أرضه محارمه؛ ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ ألا وهي القلب».
وأضاف أن الإسلامَ بعد أن يُقيمَ الحجةَ على النفس ويضعها أمام مسئوليتها تتوالى الأوامر الإلهية بالإصلاح ودفع الفساد؛ بل والأخذ على يد المفسد حتى يتوقف عن فساده؛ فيقول تعالى: {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}، ويقول أيضًا: {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، ويقول عز مِن قائل: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}.
ولفت إلى أن مِن معالجةِ الإسلام لاجتثاثِ أسبابِ ظاهرة الفساد من جذورها أيضًا ترسيخُ العدالةِ الاجتماعية وجعلها مقصدًا أعلى للدين، فهي من مقاصد الدين العليا بحسب فقهاء سبقوا عصورهم؛ وذلك لأنها صمامُ أمانِ المجتمعِ من حيث هي إعطاءُ كلِّ فردٍ ما يستحقه وتوزيعُ المنافع المادية في المجتمع وتوفيرٌ متساوٍ للاحتياجات الأساسية، كما أنها تعني المساواة في الفرص؛ أي أن كلَّ فردٍ لديه الفرصةُ في الصعود الاجتماعي.
وثمَّن مفتي الجمهورية جهودَ الدولة ومؤسساتها الرقابية والتنفيذية التي تسعى بكامل طاقتها إلى تحقيق تلك العدالة الاجتماعية في سبيل مكافحة الفساد، وقد اتخذت العديد من القرارات الجسورة التي من شأنها تحقيق قدرٍ أكبر من التوزيع العادل للمنافع والثروات.
وأشار إلى أن دار الإفتاء المصرية قد حملت لواءَ بناء الوازع الديني ضد الفساد بكافة أشكاله، وذلك بما أصدرته من فتاوى في هذا الأمر؛ وذلك في سياق قيامها برسالتها المتمثلة في بيان الأحكام الشرعية في إطارٍ من الانضباط المؤسسيِّ الواعي بتحقيق مصالح الخلق في ظل مقاصدِ الشريعة، ولم تترك دارُ الإفتاءِ المصريةُ فرصةً لمحاربة الفساد والتنبيه على مظاهره وأخطاره إلا وقامت باستثمارها؛ فأصدرت في هذا السياق فتاوى تبين حرمةَ الاعتداء على المال العام، وحرمة التعدي على الملكية الشائعة واستغلال الطرقات العامة وأراضي الدولة، وأصدرت فتاواها عن حرمة دفع الرشوة، وتحريم الاحتكار، وغير ذلك كثير.
وأوضح أن ذلكَ يأتي من منطلقِ الوعي بأن الفسادَ يبقى في النهاية؛ برغم كل تجلياته الاجتماعية؛ ظاهرةً ترتكز في الأساس على الفرد بحسبانه مادةَ الحركة الأولى لهذه الظاهرة، وليس ثمة أقدرُ من الدين على التعامل مع الفرد وتنميته إيمانيًّا وصُنع سياجٍ داخل قلبه يقيه شرَّ الوقوع في هذه الممارسات البغيضة.
وأكد اللواء علاء الصباغ رئيس فرع هيئة الرقابة الادارية بالبحيرة، أن سبب اختيار 9 ديسمبر يوم عالمي لمكافحة الفساد حيث وقعت فيه الاتفاقية في 2003 وانضمت لها 193 دولة، مشيرًا إلى أن هناك أيضا الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد.
وأضاف أن هيئة الرقابة الإدارية هي الجهة الممثلة أمام الأمم المتحدة بالتعاون مع العديد من الجهات والشركاء، وفي مصر أطلق الرئيس الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد على مرحلتين الأولى منها في 9 ديسمبر 2014 حتى 2018 والمرحلة الثانية من الاستراتيجية 2019/ 2020، مشيرًا إلى أن لكل منا دور في مواجهة ودحر ومجابهة الفساد.
كما استعرض دور هيئة الرقابة الإدارية في مجال منع ومكافحة الفساد والآثار السلبية للفساد اجتماعيا واقتصادية ونفسيا وقانونيا، مشيرًا إلى أبرز الممارسات التي حققتها الاستراتيجية ومنها تطوير البنية التشريعية وزيادة الوعي المجتمعي بأهمية الوقاية من الفساد ومكافحته، من خلال التعامل بمنتهى الشفافية والحوكمة وعمل ضوابط وقواعد بيانات تتيح للدولة المتابعة المستمرة إلكترونيًا الأمر الذي أسهم بشكل كبير في القضاء على صور الفساد للوصول إلى العديد من المشروعات العملاقة الجاري تنفيذها.
كما تم استعراض اهداف الهيئة لمنع الفساد وصوره واتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة للوقاية منه وكذا مسئولية الهيئة في مجال منع ومكافحة الفساد وأبرز الجرائم الجنائية التي تختص بها الهيئة وجهود الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد.
وأشار رئيس فرع الرقابة الادارية الى مجالات التعاون الدولي باستضافة مؤامرات ومنتديات لمكافحة الفساد ومنها منتدى شرم الشيخ 2019 والذي افتتحه الرئيس عبد الفتاح السيسي بحضور أكثر من 200 مسئول أفريقي.
وأكد اللواء علاء الصباغ، أن جميع الشكاوى الواردة يتم التعامل معها بمنتهى الجدية والسرعة، كما تم عرض فيلم تسجيلي عن دور هيئة الرقابة الادارية لمكافحة الفساد وتحقيق غد أفضل ونشأتها وأهدافها والاتفاقيات التي نفذتها والجهود التي تقوم بها الهيئة ونشر قيم الشفافية والنزاهة في المجتمع المصري والجهاز الإداري ومواكبة الاتجاهات الحديثة في مجال الحوكمة.
كما وجه كلمة للشباب الحضور متمنيًا أن يكونوا سفراء لنا جميعا ونقل الجهود المبذولة لمكافحة الفساد للمجتمع المحيط بهم.
ورحب الدكتور عبيد صالح، رئيس جامعة دمنهور، بالحضور وأشاد بالجهود التي تقوم بها الدولة لمكافحة الفساد لتسير بخطى ثابتة للقضاء عليه، مشيرًا إلى أن ما تحقق خلال الست سنوات الماضية وما شهدته مصر من تحديات لهو خير دليل على اتجاه الدولة للبناء والتنمية ومكافحة الفساد كأحد أهم ركائز البناء، مشيدًا بالجهود الكبيرة يقوم بها المحافظ في مكافحة ومجابهة الفساد بكل قوة على أرض البحيرة والدور الكبير لفرع هيئة الرقابة الإدارية مع الجامعة في حل أي مشروعات متعثرة والاستجابة التامة لحل أي مشكلة.
وأضاف رئيس جامعة دمنهور أنه تم تدريب أعضاء هيئة التدريس والعاملين بالجامعة بالأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد، كما أن هناك مواد تدرس بجميع كليات الجامعة لمكافحة الفساد.