«أحسن ما أقتله».. تفاصيل بيع طفل في ميدان رمسيس
بعينين لامعتين، استقبل الأب مولوده الصغير، وحمله بين يديه، فلم تكن فرحته لقدوم ولي العهد، بل باعتباره كنزاً حصل عليه للتو، يتصرف فيه وكأنه دمية لن يستطيع أن يعارضه.
لم تمر على ولادة الصغير، سوا 30 يوما، كان رتب خلالها الأب -معدوم الضمير- عملية بيع الطفل لأحد الأشخاص مقابل حصوله على مبلغ مالي، حتى أن زوجته لم تستطع التصدي له، بعد أن أعمته شهوة المال، وقلة النخوة لتحمل تبعات إنجاب طفل والإنفاق عليه.
ميدان رمسيس كان المكان والزمان، لتخلص الأب من فلذة كبده، بعد أن حدد الموعد المتفق عليه مع المشتري، ولم يكن يعلم أن جميع تحركاته كانت تحت أعين رجال الشرطة، التي لن تسمح له بارتكاب تلك الجريمة النكراء.
وقف الرجل في الميدان المزدحم بالمواطنين الكل يقصد مكانه بينما هو ينتظر حقيبة الأموال، يشتاق إلى احتضانها وتراوده صورتها في مخيلته ما بين الحين والآخر، ويتمايل على زوجته كل لحظة وأخرى، يحدثها بصوت خافت، يمنيها بتحقيق أحلامها بعد الحصول على الأموال، كي يضمن صمتها عن تلك الجريمة باعتبارها شريكة له.
ومع تأخر حضور المشتري، بدأ القلق يتسرب إلى قلب الرجل وزوجته، وعندما همَ بالانصراف من مكان الجريمة، حاصرهم رجال الشرطة وألفت القبض عليهما، وتحفظت على هاتف الرجل الذي يحوي على الرسائل والمحادثات مع الأشخاص الذي يخفي شخصيته، وأظهرت نية الأب في بيع ابنه مقابل مبلغ 40 ألف جنيه.
واقتادت المباحث المتهم وزوجته إلى قسم الشرطة، وتحرر محضرًا بالواقعة، وأحيلا إلى النيابة العامة التي نسبت إليهما تهمة الاتجار في البشر، وبمواجهة المتهم، برر جريمته بأن ظروفه المادية صعبة، وأنه لجأ لبيع الطفل لعدم القدرة على الإنفاق عليه، والحصول على مبلغ مالي كبير من بيعه.
وقررت النيابة العامة، إيداع الطفل الضحية، دار رعاية تابعة لوزارة التضامن الاجتماعي، بعد القبض على والديه.
وخلال التحقيقات، اعترفت الأم أنها حاولت إثناء زوجها عن تنفيذ تلك الخطوة وبيع ابنهما، إلا أنه نهرها واعتدى عليها بالضرب وأجبرها على الحضور معه خلال إتمام صفقة البيع حتى يضمن أنها لم تبلغ الشرطة بتفاصيل تلك الجريمة.
وقال الزوج المتهم: إن ظروف الحياة صعبة وغير قادر على الإنفاق على ذلك الطفل، فقرر بيعه ليضمن له مستقبلا أفضل "أبيعه أحسن ما أقتله زي الناس ما بتعمل".
وأفادت التحقيقات، بأن المتهم وقت القبض عليه، كان بصحبته زوجته، ونجله يبلغ من العمر شهر تقريبا، وبحوزته شهادة ميلاد الطفل، وبمواجهته أقر بعرضه الطفل للبيع، للحصول على مقابل مادي، وعُثر بحوزة المتهم على هاتف محمول يحوي على العديد من المحادثات الدالة على محاولاته عرض نجله للبيع.
وكلفت النيابة العامة، المباحث، بإعداد تحرياتها في الحادث وموافاة النيابة بنتائج ما توصلت إليه من معلومات بشأن عملية البيع حتى يتسنى للنيابة العامة استكمال إجراءاتها القانونية بحق المتهم وزوجته.
وأفادت التحريات، بأن المتهم كان يتواصل مع أحد الأشخاص تعرف عليه من خلال موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" لبيع نجله، وأن الشرطة رصدته خلال عملية إتمام البيع قبل أن يصل الشخص الذي كان يرغب في الشراء.