أثري: تطوير القاهرة الإسلامية سيحقق مردودًا اقتصاديًا
قال الباحث الأثري سامح الزهار المتخصص في الآثار الإسلامية والقبطية، إن القاهرة الإسلامية مدينة مازالت تؤدي دورا في الحياة العامة كما أن عمارتها عمارة وظيفية، مؤكدا أن إعادة توظيف العمارة الإسلامية العتيقة ، وخاصة منطقة الحسين، سيحقق الوظيفة المرجوة منه حيث سيحقق أبعادا ثقافية ومردودا اقتصاديا يعود بالمنفعة على الاقتصاد القومي، كما سيعيد الوجه الحضاري للعاصمة.
وأشاد الزهار - في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم السبت - بتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بسرعة البدء في مشروع ترميم وتطوير القاهرة الإسلامية وفي مقدمتها منطقة الحسين ، وتطوير عدد من الميادين على غرار ماحدث في ميدان التحرير، و إبراز روعة التراث المصري الأصيل، الممتد عبر العديد من الحضارات المتعاقبة.
وأضاف أنه مع تنامي الاهتمام العالمي بالتراث من حيث إدارته وحمايته وتوظيفه فقد برز مصطلح (اقتصاديات التراث) كمفهوم يبحث في الجانب الاقتصادي للتراث المادي منه واللامادي، و تهدف دراسة هذا الجانب إلى تجلية المصطلح عبر تتبع مراحل دورة حياة المورد التراثي، ويخلص إلى أن كل مرحلة لها توظيف يختلف عن المرحلة المنقضية له وذلك وفقا لطبيعة كل مرحلة وخصائصها، ومن ثم يقدم البحث نماذج وآليات لتحليل اقتصاديات التراث، وهذا ما يجب أن يتحقق في القاهرة الإسلامية.
وأكد الزهار ضرورة الاستثمار السياحي للقاهرة الإسلامية، ولذلك تعد التنمية السياحية المستدامة هي المحور الأساسي في إعادة التقويم لدور القاهرة الإسلامية السياحي في المنطقة، ومن ثم تبرز الحاجة إلى تنمية يبدأ تنفيذها بعد دراسة علمية كاملة في إطار التخطيط المتكامل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية داخل الدولة ككل، أو داخل أي إقليم تتجمع فيه مقومات التنمية السياحية من عناصر جذب طبيعية وحضارية.
وتابع قائلا " لم يعد التراث الثقافي قطاعا هامشيا ولكنه احتل قلب التنمية المجتمعية، ليس فقط في أبعادها الثقافية، ولكن أيضا في الأبعاد الاقتصادية والسياسية على السواء" .
وطالب القائمين على مشروع تطوير القاهرة الإسلامية بالتركيز على دور المدخل الثقافي والتراثي في تحقيق عوائد استثمارية مستقبلية، في ظل ما يؤكده واقع اقتصاد المعرفة من أن الأصول الفكرية والثقافية والفنية غير المادية، وما يصحبها من برامج التعليم والتثقيف والإعلام والبحث العلمي والابتكار تشكل اليوم أهمية كبرى في دعم الاقتصاد وإضافة استثمارات عالية المردود في المنظومة الاقتصادية الدولية.
وعن تاريخ منطقة الحسين المقرر أن يشملها مشروع التطوير، قال الزهار إن منطقة الحسين، تعد مركز القيادة الروحية في مصر والتي يأتي لها المريدون ودراويش سيدنا الحسين من كافة الأقطار ومختلف الأمصار، فقد تم إنشاء مشهد الإمام الحسين في خلافة الخليفة الفاطمي الفائز بنصر الله سنة 1154م، وأشرف على البناء الوزير الصالح طلائع بن رزيك، وفي سنة 1171م أنشأ القائد صلاح الدين الأيوبي مدرسة بجوار الضريح عرفت باسم المشهد، وهي المدرسة التي هدمت فيما بعد وبنى في مكانها الجامع الحالي.
وأضاف أنه في أواخر العصر الأيوبي وفي سنة 1235 م، شرع الشيخ أبو القاسم بن يحيى بن ناصر السّكري المشهور باسم ( الزرزور)، في بناء مئذنة فوق باب المشهد المعروف حاليا باسم (الباب الأخضر) ، وتوفي أبو القاسم بن يحيى قبل أن يتم بناء المئذنة فاتمها ابنه سنة 1236م، وهي مئذنة حافلة بالزخارف الجصية.
وأوضح الباحث الأثري أنه تبقى من المئذنة قاعدتها المربعة ولوحتان تذكاريتان من الرخام تتضمن تاريخ بناء المئذنة واسم المنشىء، وعلى إحدى اللوحتين كتابة نصها "الشيخ الصالح المرحوم ابو القاسم بن يحيى المعروف بالزرزور ابتغاء وجه الله ورجاء ثوابه وكان تمامها على يدى ولده محمد سنة ثلاثة وثلاثين وست مائة عفا الله عنه"، وعلى الثانية كتابه بنفس المعنى تحمل تاريخ 634هـ، وتبقى من المشهد الأصلي الفاطمي - بالإضافة إلى قاعدة المئذنة الأيوبية - أحد أبواب المشهد وهو المعروف باسم الباب الأخضر وهو مبنى بالحجر.
وأكد أن ولاة وحكام مصر في كل العصور اهتموا بمشهد الإمام الحسين وعمارته وتجديده وزخرفته ووقفوا عليه أوقافا كثيرة للمحافظة عليه ونظافته واحترامه، ومنهم الوالي العثماني السيد محمد باشا الشريف 1595 -1597م والأمير حسن كتخدا عزبان الجلفي الذي قام سنة 1712م بتوسيع المشهد وصنع له تابوتا من خشب الابنوس المطعم بالفضة والصدف، وفي سنة 1761 جدده الأمير عبدالرحمن كتخدا، وفي سنة 1789 قام أحد أعيان القاهرة وهو السيد علي أبو الأنوار بعمارة المشهد وتوسيعه وأثبت ذلك على الباب الشمالي للقبة.
ولفت الزهار إلى أن منطقة الحسين اشتهرت بوجود عدد من الشخصيات الغريبة والدراويش التي سجلتها الأعمال الأدبية لكبار الأدباء وعلى رأسهم نجيب محفوظ.