(للنشر 12 ظهرا) أحمد ناصف يكتب: لاءات بلا منطق..وغضب بدون مبرر
مازال بيننا حتي الأن من يؤمن بمقولة "ولدت لأعترض"وأمثال هؤلاء يستخدمون كل اللاءات المعقولة وغير المعقولة في مواجهة أي شئ وكل شئ هؤلاء "لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب" وفقاً للمثل الشعبي الشهير
يستعينون بمنطق "الشفقة" لتبرير رفضهم لأي خطوة إصلاح أو تعديل مسار أعوج ولا يقدمون سبباً منطقياً واحداً يببررون به اعتراضهم
أغرب الظواهر التي تشهدها مصر حالياً، وهي "الغضب من مواجهة الحقيقة"، خاصة بعد التصدي لإصلاح الأخطاء المتراكمة منذ عشرات السنوات، وأدت لترهل الدولة، وتفشي الفساد الذي تجاوز الركب وكاد أن يغطي أعناقنا جميعا، لولا نوبة الصحيان التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه الحكم قبل أقل من 7 سنوات .
من الحقائق الواضحة كضوء الشمس، تفشي ظاهرة إدمان المخدرات بأنواعها ، وعندما تقرر الدولة إجراء تحليل للكشف عن المتعاطين ـ ومن أبرزهم بعض الموظفين وسائقي النقل الثقيل ، وسائقي سيارات المدارس ، يغضب البعض مبررا غضبه بخوفه من قطع عيش المتعاطين ، ولم يفكر لحظة في مصير أطفال في عهدة سائق أتوبيس غائب عن الوعي ، أو سائق نقل قد يصرع العشرات في لحظة .
يغضب البعض لمجرد الحديث عن تغليظ العقوبات في مخالفات المرور ، ولا يفكر في مخاطبة المخالفين لحثهم على الالتزام حتى لا تطالهم العقوبات .
يغضب البعض عندما تدافع الدولة عن أملاكها ـ وهي أملاكنا ـ ، وتقرر إزالة التعديات على الأراضي ، و حماية الرقعة الزراعية من التآكل ، وإن سألت هذا "البعض" من الغاضبين عن حق الأجيال القادمة في هذه الأملاك العامة ، أو حقهم في تأمين غذائهم ، وقفوا صامتين عاجزين عن الرد، وهو ما نراه حالياً من اعتراض البعض علي تصدي الدولة لمخالفات البناء.. يشفقون علي المخالف المعتدي علي مرافق الدولة وعلي حرم الطريق، ولم تتحرك عاطفتهم "الجياشة" إشفاقاً علي النظام العام ولم يخطر علي بالهم أن الدولة القوية هي أملنا جميعاً ضماناً لمستقبل أفضل لنا ولأولادنا وللأجيال القادمة.
قبل ما يقرب من خمس سنوات صدق البرلمان على قانون الخدمة المدنية الذي أغضب الكثيرون فور صدوره والذي يتيح تقييم أداء موظفي الحكومة ، وفاتهم أن الموظف كان يتطلع للتعيين في الحكومة لـ " يتمرغ " في الميري ، ولايشغل باله بإجادة مهمته الوظيفية ، ويتحدى أن يجرؤ أحد على محاسبته .
وأخير انتقد البعض التحالف الانتخابي بين أحزاب مدنية ـ من بينهم أحزابا معارضة ـ ، لخوض انتخابات مجلس الشيوخ ، ولم ينتبه هؤلاء لخطورة إجراء الانتخابات بطريقة عشوائية ، وما يستتبع ذلك من خطر نفاذ المتلاعبين بالدين ،أو المتاجرين بقوت المصريين للبرلمان .ولم يفكروا فى إيجابيات ما حدث فمثلاً مثلاً لم يلتفتوا إلي ما تشهده هذه الإنتخابات من محاولة دعم الحياه الحزبية وإتاحة الفرصة أمامها للمشاركة الأوسع فى البرلمان بغرفتيه (الشيوخ-النواب) أو إتاحة الفرصة لها للحركة وسط الجماهير للإعلان عن برامجها وتوجهاتها من أقصي اليمين لأقصي اليسار.
مستقبل مصر لن يحدده الغاضبين دوماً في مواجهة الحقيقة ، لكنه مرهون بوعي غالبية المصريين وإيمانهم بضرورة الإصلاح.
قال تعالى في كتابه الكريم " إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ " .. صدق الله العظيم .