عمرو الخياط يكتب: العودة إلى مصر
على شاشات التلفاز وفِي تفاصيل مقاطع الفيديو الدواره المحمولة في ذاكرة كل هاتف ذكي، طغت مشاهد تعذيب المصريين في ليبيا على أيدي ميليشيات لا تعرف أي قيمة للإنسانية.
المشاهد انتشرت للعمال الكادحين الذين ربما لا يملك أحدهم قيمة شراء أحد الهواتف الذكية التي حولت مأساتهم إلى حالة درامية كانت سببًا في تعاطف المصريين معهم والتعبير عن مشاهد الحزن والغضب، ثم الملل ثم التجاهل ثم النسيان، لكن هل من بين هؤلاء من كان يفكر في كيفية إعادة هؤلاء؟ ما السبيل لذلك، أم أن الأمر اقتصر على منظومة التعاطف المجاني المصحوب بعبارات اللوم والتقريع للدولة؟.
السؤال هنا ما الذي كانت تفكر فيه الجموع المتابعه لهذا المشهد، أم أن الأمر كان انجذابًا لمشهد درامي في إحدى حلقات مسلسل التحدي الذي يواجه الدولة المصريه؟.
يطرح السؤال نفسه بقوة هل الجموع التي تملك آلية استقبال كل ما ينهال عليها، بل وتملك آلية التفاعل الحر معه بضغطة زر، هل يقتصر دورها على المشاهدة، ولتفعل الدولة ما تفعل؟، نذهب إلى ما هو أبعد من ذلك هل كانت حجم المتابعات والتفاعلات لمشاهد استعادة المصريين إلى حضن وطنهم بنفس حجم متابعات مشهد تعذيبهم وإهانتهم البغيض؟، هل هناك من فكر كيف تم ذلك واستنادًا إلى أي مصدر من القوة، أم أن متابعة كانت من قبيل الترفيه دون الحاجة إلى الخوض في التفاصيل ثقيلة الظل، والتي ربما تستهلك من رصيد الباقات المتاح بفعل الإدارة الرشيدة لمرفق الاتصالات الذي تتيحه الدوله لكل مصري ومصريه ؟!.
الإجابات هناك حيث يتواجد الرجال في مراكز استقرار الدولة العميقة، لا ينامون الليل ولا يتوقفون عن التفكير ولا يغادرون مسرح العمليات، هناك حيث الرجال الذين صدقوا ماعاهدوا الله ومصر عليه.
في نفس اللحظة التي انشغلت فيها الجموع بالهواتف المحمولة، كانت حركة الرجال نحو مسارات وواجبات الأمانة المحمولة، وعلى الفور فتحت الملفات وتم استدعاء الأدوات المحفوظة في خزائنها الأمينة ليقف عليها رجال يدركون كيف يمتلكون أدواتهم وكيف يسيطرون عليها وكيف يستخدمونها في توقيتاتها ومواضعها الصحيحة.
داخل أروقة المخابرات المصرية وفِي مكاتب بيت الدبلوماسية العريقة المطل على النيل العظيم تشكلت على الفور خلية العمل بل قل خلية الكرامة المصرية التي حددت هدفًا غير قابل للمساومة وهو استعادة المصريين البسطاء إلى وطنهم وذويهم على الفور، لقد كانت الحركه مرصودة من رأس الدولة، وكان التكليف مشروطًا بتحقيق نتيجة محددة.
وسط تعقيدات بالغة كانت حركة الدبلوماسية المصرية الرشيقة المدعومة بإمدادات جهاز الاستخبارات العريق كانت مصر حاضرة بأذرعها الطويلة على الأرض الليبية المضطربة، لكن عدالة القضية كانت دليلًا ومرشدًا للحركة المصرية المرتكزة على قاعدة الدولة الصلبة في القاهرة.
بقوة الدولة المصرية تذللت العقبات وفتحت الطرقات لتصل مصر إلى أبنائها تدركهم وتغيثهم وتحميهم أينما كانوا، هناك حيث يرتفع الصوت عاليًا بالنداء على مصر حتمًا يجد من يسمع ويلبي ويخفض جناح الذل من الرحمه لكل مصري.
على أرض ليبيا تجسدت مصر بكامل قواها الدبلوماسية المعلنة والسرية، بكامل قواها راحت تعيد أبناءها التزامًا بعقد اجتماعي بين مصر والمصريين بعدما وثقت بنوده داخل وعي المصريين وكتبت بمداد كرامتهم، وختمت الوثيقة بخاتم الثقة في قدرة الدوله وقوتها.
وفِي طريق العوده الممتد على مئات الكيلو مترات لم تغب أعين مصر لحظة واحدة عن متابعة موكب العودة إلى الوطن ولحين الوصول إلى مستقره ومأمنه، بينما ينتظر رئيس الدولة ساهرًا ليأخذ تمام التكليف الصادر للرجال.
بفعل قوة الدولة المصرية عاد المنهكون إلى وطنهم وأهليهم، هنا تظهر قوة الحكمة المصرية وإدارتها الرشيدة، المحمية بظهير صلب من القوه الحكيمة التي لم توجد لحظه من أجل الاعتداء بل من أجل تلبية النداء.
هنا تظهر قوة مصر التي وصلت إلى حيث وجد المصريين البسطاء، هنا تظهر قوة مصر التي حتمًا ستصل إلى كل محاور أمنها الاستراتيجي، هنا تظهر قوة مصر التي حتمًا ستصل إلى أقصى حدود تأمين حياة المصريين من منابع النيل إلى مضيق باب المندب.