عبدالرازق توفيق يكتب.. نبض الوطن: الوعي.. وحماية الأوطان
نشر
راهنت ثورات «الخراب العربي» فى يناير 2011 على عنصر مهم فى نجاح المخطط الشيطانى هو استغلال حالة اللاوعى بين الشعوب العربية وأيضاً حصد ثمار حملات ومؤامرات تزييف وتغييب الوعى فى الشارع العربى وزيادة الاحتقان والعداء بين السلطة والمواطنين من خلال تأجيج الفتنة والمبالغة فى تجاوزات الحكام العرب وترسيخ حالة الانقسام واللعب على أوتار المهمشين والبسطاء والمبالغة فى الفساد وتشويه الأوضاع ونشر الأكاذيب والشائعات.
الوعى أو اللاوعى هو الرهان الحقيقى فى بقاء وصمود الدول أو سقوطها لأن الموجة الجديدة من الحروب الحديثة تعتمد على هزيمة وهدم الدول من داخلها وبأيدى شعوبها.. وأن التحدى الأخطر الذى يواجه الدول هو محاولات التفجير من الداخل من خلال إدارة الآلة الدعائية والإعلامية لهدم الروح المعنوية للشعوب وبث الفتنة ونشر الأكاذيب والشائعات وتصدير أوضاع ومعلومات غير حقيقية وهو الأمر الذى يؤدى إلى تأجيج نيران الغضب الشعبى ويسمح بتقويض الدولة ومؤسساتها وبالتالى يسهل النفاذ التآمرى والمخابراتى لبث المزيد من الفوضى حتى تسقط الدولة ومؤسساتها وتفكيك جيشها وضرب جهازها الأمنى فى مقتل دون أى عناء من الدول المعادية وبتكلفة مادية لا تذكر من خلال تجنيد العملاء المحليين أو الطابور الخامس نظير تمويل أو مبالغ أو امتيازات يحصل عليها هؤلاء الخونة مقابل بيع وإسقاط أوطانهم بتحريض المواطنين على ذلك.
إذن نحن أمام تحد كبير وخطير هو كيفية الحفاظ على أمن واستقرار وبقاء الأوطان.. وذلك لن يتحقق إلا من خلال جدار حصين ومنيع من الوعى الحقيقى الذى يعتمد على الصدق والشفافية وتعريف المواطن بالتحديات والتهديدات والمخاطر التى تواجه الوطن وكذلك المؤامرات والمخططات التى تحاك للبلاد فى سبيل الهدم والإسقاط.
من المهم أيضاً فى معركة بناء الوعى الحقيقى فضح العناصر العميلة والموالية لأعداء الوطن وتعريتهم أمام الشعب.. وكشف نواياهم وحقيقتهم ومرجعياتهم وتشابكاتهم ومصادر تمويلهم ومن يديرهم والتعليمات التى تصدر لهم.
الأمر الثانى فى بناء الوعى دحض وتفكيك أفكار ومتاجرات ومزايدات الجماعات الإرهابية التى تم توظيفها وتجنيدها لخدمة وتحقيق أهداف الدول المعادية من خلال توضيح وتفسير جوهر الدين الصحيح واستبيان روح التسامح والتعايش والتآخى فى الأديان السماوية وبث الوسطية التى يدعو إليها الدين ورفضه لاستباحة دماء وأرواح الناس إلا بالحق وكذلك أموالهم وأعراضهم.. وأيضاً توضيح علاقة هذه الجماعات بالوثائق والأدلة بأجهزة المخابرات والدول المعادية.
بناء الوعى أصبح مطلباً حيوياً واستراتيجياً بل ومصيرياً لحماية الدول من السقوط والانهيار ولابد من مجابهة حملات الشر والتحريض التى تطلقها الآلة الإعلامية الإخوانية العميلة المدعومة من جهات دولة معادية وبتمويل قطرى واستضافة تركية.
الإعلام يلعب دوراً خطيراً ومهماً أيضاً فى بناء الوعى الحقيقى الذى يعد السلاح البتار فى مواجهة حروب الأكاذيب والشائعات ولابد أن يعمل الإعلام الوطنى على العديد من المسارات أبرزها تصدير الأمل للناس وإبراز جهود الدولة لصالح المواطن وبناء الدولة ومشروعاتها العملاقة.. ومدى التغير الذى حدث وكيف كانت الدولة وماذا أصبحت وأيضاً جهود الدولة فى مكافحة الفساد وترسيخ مبدأ العدل والمساواة من جموع الشعب ولا فرقة بين مواطن وآخر إلا بالكفاءة والعمل والعطاء.. وأيضاً ملامح المستقبل الواعد القادم ولابد أيضاً أن يقدم الإعلام رسالة الدولة وجهودها فى تحسين حياة المواطن وتوفير الحياة الكريمة له والارتقاء بالخدمات المقدمة له.
أيضاً الإعلام مطالب بمجابهة حملات الأكاذيب والشائعات والتشكيك والتشويه بعرض المعلومات الصادقة والشفافية وعلى أرض الواقع ولابد أن يكون لديه المبادرة والاستباقية لدحض أكاذيب منصات وأبواق الشر العميلة.
الإعلام أيضاً منوط بإجهاض المضامين الفاسدة لإعلام الطابور الخامس والتقارير المفبركة بفضح ممارسات هذه الفئات الضالة وكشف أهدافها وارتباطاتها مع الخارج حتى لا يقع المواطن فريسة لرسائلها الخبيثة والكاذبة فى التحريض وبث الفتنة والتشويه.
إن الوعى الحقيقى معركة لا تقل أهمية بل ربما تزداد فى ضرورتها عن المواجهات العسكرية والأمنية لأعداء الوطن.. لأن بناء الوعى لدى الشعوب وامتلاك فضيلة الفهم والإدراك يفوت الفرصة ويجهض مفعول كل حملات التشكيك والأكاذيب ويفسد مضمون الرسائل الإرهابية والعميلة التى تستهدف عقل المواطن.
عملية بناء الوعى الحقيقى ليست مهمة الإعلام فقط ولكن مسئولية الجميع سواء مؤسسات الدولة أو منظمات المجتمع المدنى الوطنية ولابد أن تصل حملات الوعى إلى فئات الشباب فى الجامعات والأندية الرياضية وأيضاً تركز عليها مضامين الرسائل فى الإعلام وخطبة الجمعة والمساجد والكنائس ولابد أن تكون حالة ليتنفس الجميع الوعى الشامل والحقيقى ولأنه موضوع جد خطير لابد أن يكون بناء الوعى لدينا هو أسلوب حياة.. يجب ألا نتوقف عن ضخ المعلومات والحقائق الصادقة والشفافة وإبراز الجهود المضيئة للدولة ونجاحاتها وإنجازاتها وأيضاً إفساد مخططات الجماعات الإرهابية والدول المعادية التى تسخر آلتها الإعلامية لتضليل عقول المواطنين بنشر الأكاذيب والعمل على تحريك الشعب وتفجير الداخل.
فى اعتقادى أن لدينا نجاحات كثيرة لابد أن نبنى عليها خاصة بعد الفشل الذريع لآلة الإعلام القطرية ومنصات الإخوان التركية فى تحريك المصريين وهو ما تجلى فى أعلى درجاته وصوره فى 25 يناير 2020 فلم يستجب مواطن مصرى واحد لدعوات الفتنة والهدم وذلك يعكس عمق الوعى لدى المصريين وهو ما يجعلنا أكثر ثقة لاستمرار هذا النجاح بعدم التوقف عن بناء الوعى الحقيقى وعرض مظاهر الخراب والدمار والأوضاع التى آلت إليها الدول التى تعرضت لمؤامرات التحريض وغسل عقول الشعوب وهدم الدولة ومؤسساتها وأنها لم تجن سوى الخراب والدمار وسقوط الأوطان وغياب الأمن والاستقرار وانتشار الإرهاب والتشرد والهجرة غير الشرعية والقتل وسفك الدماء وهو ما يعيه المصريون جيداً ويدركون أنهم يعيشون فى نعمة ويطالبون بالحفاظ عليها حتى لا يلقوا مصائر الشعوب التى سقطت فيها الدولة الوطنية وأن الحفاظ على الأمن والاستقرار لن يتحقق إلا بالوعى الحقيقي.